وقوله تعالى: "قَدَ افْلَحَ"1 بترك الهمزة ونقل حركتها من أول الكلمة الثانية إلى آخر الكلمة الأولى. وهو ما يسمى تسهيل الهمزة.
وقوله تعالى: "لِقَوْمٍ يِعْلَمُون"، "نَحْنُ نِعْلَم"، "تِسْوَدُّ وُجُوه"، "أَلَمْ إِعْهَد", بكسر حرف المضارعة في جميع هذه الأفعال.
وقوله تعالى: {حَتَّى حِينٍ} فالهذليون يقرءون: "عتى عين" بقلب حاء حتى وحين عينا.
وقوله تعالى: "عَلَيْهِمُو دَائِرَةُ السَّوْءِ" "وَمِنْهُمُو مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَات" بإشباع ميم جمع الذكور في كلتا الآيتين.
وقوله تعالى: {وَغِيضَ الْمَاءُ} بإشمام ضمة الغين مع الكسر.
والحق أن هذا الوجه الأخير أهم الأوجه السبعة؛ لأنه يبرز الحكمة الكبرى من إنزال القرآن على سبعة أحرف، ففيه تخفيف وتيسير على هذه الأمة التي تعددت قبائلها فاختلفت بذلك لهجاتها، وتباين أداؤها لبعض الألفاظ، فكان لا بد أن تراعي لهجاتها، وطريقة نطقها، أما لغاتها نفسها فلا موجب لمراعاتها؛ لأن القرآن اصطفى ما شاء بعد أن صهره في لغة قريش التي تمثلت فيها لغات العرب قاطبة2 لا لغات قبائل معينة ينتصر لها بعض العلماء بتعسف لا يؤيده دليل عقلي ولا نقلي.
ذلك بأن العرب حين استصفوا لهجة قريش وجعلوها لغتهم الأدبية المشتركة أثروا فيها مثلما تأثروا بها، فصدق على لهجة قريش ما يصدق على اللغات جميعا من قوانين التأثر والتأثير، وهي قوانين لا تكاد تتخلف إذا درسنا اللغة على أنها ظاهرة إنسانية3.