ولتوضيح أهمية القراءات في استنباط الأحكام الفقهية نضرب بعض الأمثلة العملية:

1 - الآية: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ [البقرة: 36] والمعنى المفهوم من هذه القراءة فَأَزَلَّهُمَا كما قال الطبري: يعني أوقعهما الشيطان في الخطأ والزلل فأكلا من الشجرة (?). وقرأ الإمام حمزة (فأزالهما) فيختلف المعنى، فأزالهما بمعنى أبعدهما عما كانا فيه.

2 - الآية: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران: 79] قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف (تعلمون) بتاء مضمومة وعين مفتوحة ولام مشددة مكسورة بعدها ميم مضمومة والمعنى:

تعلّمون غيركم.

وقرأ الآخرون (تعلمون) بتاء مفتوحة بعدها عين ساكنة ثم لام مفتوحة بعدها ميم مضمومة، (تعلمون) بمعنى تعلمون في نفوسكم دون تعليم غيركم، والفرق ظاهر.

3 - الآية: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ [محمد: 4] قرأ البصري وحفص ويعقوب (قتلوا) بالبناء للمجهول، وقرأ الباقون (قاتلوا) والفرق كبير بين المعنيين، فقتلوا لا بد فيها من الشهادة، وقاتلوا يكفي فيها مجرد المشاركة.

4 - الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6] قرأ نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب بنصب «أرجلكم» على أساس عطفها على وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ فلا بد من غسل الرجلين مثل الوجه واليدين.

وقرأ الباقون بالخفض أَرْجُلَكُمْ على أساس عطفها على «برءوسكم» فيكفي مسح الرجلين، وهكذا يستمد الفقهاء أحكامهم من القراءات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015