وتلقي القرآن من أهله وعلمائه، وعرضه عليهم هي الطريقة التي علّم بها الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام، فكان يقرأ عليهم، ويقرءون عليه. وحديث عبد الله بن مسعود في السنة الصحيحة يبين ذلك، حينما طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه، فقال ابن مسعود متعجبا: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال له الأمين صلى الله عليه وسلم: «إنني أحب أن أسمعه من غيري» إنها الأمانة العظيمة، والحرص البالغ للتأكد من أن الصحابة يقرءون القرآن كما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حرص الصحابة شديدا على تعليم التابعين، وحرص التابعون كذلك على تعليم من بعدهم، وهكذا، حتى وصل القرآن إلينا بهذه الطريقة- التلقي بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولله الحمد. وفي زماننا هذا، ما تزال هذه الطريقة موجودة معروفة عند أهل القرآن، وما تزال الإجازات تعطى من قبل المشايخ لطلابهم بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومهما بلغ تمكن المسلم وتفوقه في اللغة العربية، فلا بد له من تلقي القرآن بهذه الطريقة، فقد كان العرب الأوائل- وهم أفصح منا- لا شك في ذلك بل إننا لم نعد عربا بألسنتنا، لقد كانوا وهم أهل اللغة وأربابها لا يعرفون في تعلم القرآن غير هذه الطريقة (طريقة العرض والتلقي).
ورب قائل يقول: وأين المشايخ وأهل القرآن؟ وكيف أصل إليهم؟
والجواب على ذلك: إنهم موجودون، فلا تخلو بلدة، ولا قرية من كتّاب ومحفظ، ومعاهد القرآن منتشرة، وحلقات التدريس في المساجد قائمة، كما أنك لن تعدم صديقا أو زميلا يحسن ويجيد التلاوة فتقرأ وتتعلم معه، من سلك وسأل عرف، ومن عرف وصل.