ـ تعالى ـ الموصوف بكل صفة كمال المنزه عن كل صفة عيب ونقص ومثال، والخلق قسمان: أعيان وأفعال وهو ـ سبحانه ـ الخالق لأعيانه وما يصدر عنها من الأفعال"1.

ويقال للمعتزلة أيضاً: إن عموم "كل" في كل مقام بحسبه ويتبين ذلك بالقرائن، وبرهان ذلك قوله ـ تعالى ـ {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ} 2 ومساكن قوم عاد شيء، ولم تدخل في عموم كل شيء دمرته الريح وذلك لأن المراد تدمر كل شيء قابل للتدمير بواسطة الريح.

وقال تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} 3 والمراد من كل شيء تحتاجه الملوك، ومثل هذا يفهم من قرائن الكلام، فمراد الهدهد أنها ملكة كاملة في أمر الملك غير محتاجة إلى ما يكمل به أمر ملكها ولهذا نظائر كثيرة والمراد من قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} أي كل شيء مخلوق وكل موجود سوى ـ الباري ـ فهو مخلوق فيدخل في هذا العموم أفعال العباد قطعاً ولم يدخل في هذا العموم الخالق ـ تعالى ـ وصفاته ـ تعالى ـ ليست غيره لأنه ـ سبحانه وتعالى ـ هو الموصوف بصفات الكمال، وصفاته ـ تعالى ـ ملازمة لذاته المقدسة، ولا يتصور انفصال صفاته ـ تعالى ـ عنه بحال"4.

كما يقال لهم أيضاً: كيف يصح أن يتكلم الله بكلام قائم بغيره ولو جاز ذلك للزم أن يكون كل كلام أحدثه في الجمادات كلامه! وكذلك الكلام الذي خلقه في الحيوانات يكون كلامه، ولا يكون هناك فرق بين نطق وأنطق، وإنما قالت الجلود {أَنْطَقَنَا اللهُ} 5 ولم تقل: نطق الله بل يلزم أن يكون متكلماً بكل كلام خلقه في غيره زوراً، أو كذباً، أو كفراً، أو هذياناً ـ تعالى الله ـ عما يقوله المعتزلة والجهمية علواً كبيراً، وهذا ما قاله الاتحادية فقد قال ابن عربي:

وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015