تبعاً للأخطار المنهجية والتصويرية.
وهذا الكتاب الذي بين يدي نموذج للتاريخ الذي ينظر للأمور كلها، وللعوامل جميعها، وللقيم على اختلافها. ولعل القارئ لم يكن ينتظر من رجل مسلم، واثق بقوة الروح الإسلامي، متحمس لرد القيادة العالمية إليه، أن يتحدث عن مؤهلات القيادة، فلا ينسى
بجوار (الاستعداد الروحي) أن يلح في (الاستعداد الصناعي ولحربي) و (التنظيم العلمي الجديد) وأن يتحدث عن (الاستقلال التجاري والمالي) .
إنه الإحساس المتناسق بكل مقومات الحياة البشرية. وبهذا الإحساس المتناسق سار في استعراضه التاريخي، وفي توجيهه للأمة الإسلامية سواء، ومن هنا يعد هذا الكتاب نموذجاً للتاريخ، كما يجب أن يتناوله المسلمون مستقلين. عن التأثر بالطريقة الأوروبية، التي ينقصها هذا التناسق وهذه العدالة وهذا التحقيق.
وإنه ليسعدني أن أتحدث عن هذا الكتاب بذلك الإحساس ذاته، وأن أسجل هذه الظاهرة، وأنا مغتبط بهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أطلع عليه في العربية.. اللغة التي آثر صاحبه أن يكتبه بها، وأن ينشره في مصر للمرة الثانية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}
سيد قطب