التمثيل)) وقد فقد الدين الرومي سلطانه الروحي على معتنقيه، وبردت العاطفة الدينية في قلوب الناس حتى
تجرأ الناس على الآلهة وأهانوها في بعض الأحيان، فإن التاريخ يحدثنا أنه لما غرق أسطول للأمبراطور أغسطس صلى الله عليه وسلمugustus استشاط غضباً، وحطم تمثال نيبتون Neptone إله البحر، ولما مات جرمينيكس Germanicus رجم الناس أنصاب الآلهة (التي كانوا يذبحون عليها) (?) .
فلم يكن للدين تأثير في أخلاق الأمة وسياستها ومجتمعها، ولم يكن يملك عليهم شعورهم وميولهم ويراقب عليهم أخلاقهم ونزعاتهم، ولم يكن ديناً عميقاً يحكم على الروح وينبعث من أعماق القلب، بل كان تقليداً من التقاليد، كانت السياسة تقتضي البقاء عليه ولو بالاسم والرسم. يقول ليكي:
((إن الدين الرومي كان أساسه على الأثرة، ولم يكن يرمي إلا إلى رفاهة الأفراد وسلامتهم من المصائب والمتاعب؛ والشاهد على ذلك أنه ظهر في رومية مئات من الأبطال والعظماء، ولكن لم ينهض فيها زاهد في الدنيا عزوف عن ملذات الحياة، ولا تسمع مثالاً في تاريخ الروم للتضحية والإيثار إلا وتجده لا تأثير فيه للدين ولكن مبنياً على الوطنية (?)) .
والظاهرة التي يمتاز بها الروم من بين أمم الأرض المعاصرة بل بعدها، والتي أصبحت لها ديناً تدين به وشعاراً تعرف به هي روح الاستعمار والنظر المادي البحت إلى الحياة. وذلك ما ورثته أوربا المعاصرة عن سلفها الروميين وخلفتهم فيه.
وقد أجاد وصفه العالم الألماني المسلم الأستاذ محمد أسد في كتابه النفيس الإسلام على مفترق الطرق)) ، قال:
((إن الفكرة التي كانت تسيطر على الإمبراطورية الرومانية هي احتكار القوة لها واستغلال الأمم الأخرى لمصلحة الوطن الرومي فقط، لم يكن رجالها والقائمون