فمن أوتي سمعاً واعياً وقلباً حافظاً؛ فذلك الذي علت درجته وسمقت منزلته، فإنهما معونة حفظه.

ومن العلماء من خطَّطَ علمه ودونه تقييداً منه له، إذا كان كتابةً عنده أمن قلبه لما يعرض في القلوب من النسيان، وتقسُّم الهموم إياه.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في تقييد العلم ما حدثنا علي بن إبراهيم، عن الباغندي، ثنا سعيد بن سليمان الواسطي وسأله عنه علي بن المديني، ثنا ابن المؤمل، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم)) ، قيل: يا رسول الله! وما تقييده؟ قال: ((الكتاب)) .

وسمعته يقول: هذا حديث لم يروه عن ابن جريج غير ابن المؤمل -واسمه: عبد الله بن المؤمل-. *

وقد أدب الله جل ثناؤه بمثل هذا فقال: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدينٍ إلى أجلٍ مسمى فاكتبوه} ، ثم قال: {ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا} ، فجعل كتابة الدين وأجله وكميته من القسط عنده، وجعل ذلك قيماً للشهادة ونفياً للارتياب.

وأعلى ما يحتج به في ذلك قوله جل ثناؤه: {ن والقلم وما يسطرون. ما أنت بنعمة ربك بمجنون} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015