ذهب الناس إلى أن المحدث إذا روى فلحن، لم يجز للسامع أن يحدث عنه إلا لحناً كما سمعه.
وقال آخرون: بل على السامع أن يرويه -إذا كان عالماً بالعربية- معرباً صحيحاً مقوماً، بدليل نَقولُه: وهو أنه معلومٌ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب وأعربها، وقد نزهه الله عز وجل عن اللحن، وإذا كان كذا فالوجه أن يروى كلامه مهذباً من كل لحن.
وكان شيخنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان يكتب الحديث على ما سمعه لحناً، ويكتب على حاشية كتابه: (كذا قال) ، يعني الذي حدثه، (والصواب كذا) ، (وهذا أحسن ما سمعت في هذا الباب) .
فإن قال قائل: فما تقول في الذي حدثكموه علي بن إبراهيم، عن محمد بن يزيد، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد السلام، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيف من منى، فقال: ((نضر الله امرءاً سمع مقالتي، فبلغها كما سمع، فرب حامل فقهٍ غير فقيه، ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه)) . *
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المبلغ كما سمع.