أنصح السيد "هرتسل" أن لا يفكر مرة أخرى في هذا الموضوع، ففلسطين ليست ملكًا لي لكي أستطيع أن أبيع شبرًا واحدًا من أرضها، فلسطين ملك للمسلمين كلهم، ولقد جاهد أجدادي العثمانيون لمئات السنين من أجل هذه الأرض، وروت أمتي ترابها بدماء المسلمين، ونصيحتي لليهود أن يحتفظوا بملايينهم، فإذا تجزّأت دولة الخلافة يومًا ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن، أمَّا وأنا حيٌّ، فواللَّه إنَّ عمل السكين في بدني لأهون عليَّ من أن أرى فلسطين وقد بُترت من ديار الإسلام.
خادم المسلمين
عبد الحميد الثاني
هناك شيءٌ عجيبٌ لاحظته من خلال دراسة -أحسب أنها مستفيضة- لتاريخ دول الإسلام، شيءٌ قد يظنه كثيرٌ من المؤرخين ضربًا من ضروب الجنون! فعلى عكس ما يعتقده الناس، لاحظت أنه في نهاية كل دولة إسلامية، يبرز إلى الساحة قائدٌ عظيم يكون من أواخر زعماء تلك الدولة المنهارة! هذا القائد يبلغ من العظمة ما يؤهله لكي يحتل المركز الثاني أو الثالث في سلم العظمة لتلك الدولة! فلقد ظهر (عبد الرحمن الداخل) في نهاية الخلافة الأموية، وظهر في نهاية الخلافة العباسية خليفة عباسي لا يعرفه الكثيرون اسمه (المستنصر باللَّه العباسي)، هذا الخليفة شبهه المؤرخون بالصحابة من شدة عدله وعلمه، وكان السلطان البطل (نجم الدين أيوب) آخر سلطان للأيوبيين وثانيهم في العظمة بعد (صلاح الدين الأيوبي)، وظهر قبل سقوط الأندلس مباشرة (أبو يوسف