" مؤسس علم الاقتصاد الإسلامي" (عبد الرحمن بن عوف)

" دلَّني على السوق! "

(عبد الرحمن بن عوف)

الإسلام ليس دين الفقراء كما يظن البعض، وليس دين الأغنياء كما يتمنى البعض الآخر، الإسلام هو دين المسلمين! دين الفقراء والأغنياء على حدٍ سواء، فليس صحيحًا أنه ينبغي عليك أن تكون معُدمًا كي تكون تقيًا مؤمنًا، وليس صحيحًا أن الغنى هو المرادف للتسلط والجبروت، فالخطأ الكبير الذي يقع به بعض المسلمين أنهم يظنون أن الإسلام الصحيح هو في ترك الدنيا والانعزال عن العالم الخارجي والتفرغ للدروشة، فما هكذا كان أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وما هكذا كان السلف الصالح الذي فتح الدنيا، فقد كانوا رحمهم اللَّه يزاولون حياتهم بشكلٍ طبيعي، فالإسلام يحتاج للغني كما يحتاج للفقير، فمن الذي قال أنه هذه الأمة هي أمة الفقراء؟ فأمة الإسلام على أيدي رجالٍ أثرياء مثل أبي بكر وعثمان وعبد الرحمن، فاللَّه سبحانه وتعالى هو الذي سخر لهذه الأمة تجّارًا يحملونها على أيديهم، فلولا ثراء أبي بكر لبقي بلالٌ يُعذب تحت حجارة مكة، ولولا ثراء عثمان لبقي الصحابة عَطاشى ينتظرون شربة ماء من اليهودي الذي كان يملك بئر رومة، ولولا ثراء ابن باديس لما صنع جيلًا حرر به الجزائر، فواللَّه لن تقوم هذه الأمة بدون أغنيائها أبدًا، فالأمة تحتاج إلى رجال أعمالٍ أثرياءٍ ينفقون على الدعوة ويحملون همّ قيام هذه الأمة من جديد، فالمال قوة، والقوة هي ما نحتاج في هذه المرحلة الحساسة!

وقبل أن نخوض في قصة هذا الصحابي العظيم، أرى أن أذكر قصة طريفة تسهِّل علينا فهم هذه العقلية الاقتصادية الإسلامية الجبارة، فقد رُوي في الأثر أن أحد التجار خرج في التجارة ليرجع من حيث أتى في اليوم التالي، فلما رجع إلى مدينته سأله صاحبه عن سر رجوعه بقافلته، فقال له: "يا أخي، لقد رأيت حمامة عرجاء عمياء في منتصف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015