الحاقد أصاب كبد الحقيقة بهذا القول الذي أراد منه ذم الصحابة، فالصحابة كانوا بدوًا بالفعل، والقرآن الذي نزل على محمد نزل على العرب البدو الذين لم تكن فيهم فلسفات الإغريق وخزعبلات الفرس التي كانت ستجعل تقبل القرآن شيئًا مستحيلًا! فقد كانوا رحمهم التبما يسمعون كلام اللَّه ليطبِّقُوه مباشرة، وصدق اللَّه تعالى إذ يصفهم: {قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، فتخيلوا لو أن رسول اللَّه بُعث في الإغريق، أكانوا سيتركونه وشأنه من دون مناقشته في شكل اللَّه، وشكل كرسيه، وهل الموت شيء وجداني أم شيء فيزيقي؟ وغير ذلك من الأسئلة التي لا علاقة لها بجوهر الدعوة: التوحيد! وما تفرقت الفرق الإسلامية الضالة مثل المعتزلة والشيعة إلا بعد دخول الفلسفة الإغريقية والفارسية إلى ديار المسلمين، وتخيلوا أن الرسول بُعث بين اليهود، هل كانوا سيحترمونه كما احترمه الصحابة العرب؟ أم أنهم سيفعلون به ما فعلوه بنبيهم موسى من قبل؟ هذه العوامل وغيرها جعلت من اختيار العرب كقومية حاضنة للدعوة الإسلامية ليس مجرد خيارٍ منطقيٍ وحسب، بل خيارًا وحيدًا لا ثاني له، وقد أثبت هذا الاختيار الإلهي للعرب من الناحية التاريخية البحتة أنه اختيار لا مثيل له، ففي غضون مائة عام فقط نقل بنو يعرب هذا الدين من صحراء الحجاز إلى البحر الأصفر شرقًا ونهر الراين على حدود باريس غربًا، ومن جبال القوقاز شمالًا، إلى أدغال أفريقيا جنوبًا، فأثبت العرب بحق أنهم خير سفراء لهذا الدين.
فاللَّه اللَّه في أصل نبيكم، واللَّه اللَّه في العرب، فالعرب الآن يهاجمون من جميع الإتجاهات، فالفرس الشيعة يؤمنون أن مهديهم سيبيد العرب عن بكرة أبيهم (عندما يعجل اللَّه فرجه)! واليهود كتبوا في تلمودهم أن اللَّه ندم على أربع أشياء، من بينها خلقه للشر وخلقه للإسماعليين الذين هم العرب، والسينما الأمريكية ما تفتأ تصور العربي في أفلامها بأنه إرهابي. . . أو مدمن جنس. . . أو عاقر خمر! والمخرجون العرب من الشيعة يصورون بطلًا عربيًا مثل (الزير سالم) بأنه رجل جبان يسلم بناته للأعداء كي ينجو هو بنفسه، والرافضة يسمون العرب أسماءً مثل "العربان" و"الأعراب" و"البدو" و"راعة الإبل والبعير"، ونسي أولئك "العلوج" أن هؤلاء البدو هم الذين أبادوا إمبراطوريتهم، وأن تلك الإبل هي نفسها التي انتصر بها أولئك البدو على فيلتهم، فيا شباب الإسلام. . . .