النبوي يفسر لنا هذه الميزة: "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم".
العامل الرابع: العملاق مصعب بن عمير
وهو أول سفير في الإِسلام، بعثه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع الأنصار لكي يعلمهم دينهم، ويدعو قومهم للإسلام، فكان رضي اللَّه عنه وأرضاه خير داعية لخير داع، ففي سنة واحدة فقط، هي جلُّ وقت المهمة الدعوية لمصعب، أسلم أكبر قادة الأنصار على يديه بأسلوبه اللين الرائع، ورقيه الأخلاقي المتميز.
العامل الخامس: البطل سعد بن معاذ
هو سيد الأوس، والذي عندما أسلم على يدي مصعب بن عمير قام إلى قومه فجمعهم، وأخبرهم بأنه براءٌ منهم إن لم يسلموا في التو واللحظة، فأسلموا عن بكرة أبيهم حبًا له، وتصديقًا لرأيه، وقد استشهد سعد بن معاذ بعد الأحزاب نتيجة لخيانة "يهود بني قريظة" ولقد بكى عليه أبو بكر وعمر حتى سُمع بكاؤهما في شوارع مكة، وسعد رحمه اللَّه هو الإنسان الذي اهتز لموته عرش الرحمن!
وبعد. . . . فقد كانت هذه لمحة بسيطة عن هذه الفئة البشرية العظيمة، التي لم يكن لها مثيل في تاريخ العنصر البشري بأسره، فئة تعطي ولا تأخذ، فئة أعطت كل شيء، ولم تأخذ أي شيء، فلقد كان الأنصار فقراءً قبل الإِسلام، وقد ظل الأنصار فقراء بعد الإِسلام! وعلى الرغم من كل ما قدموه للإسلام، فإن التاريخ لا يذكر أبدًا أنهم طلبوا منصبًا واحدًا في أي دولة من دول الإِسلام، فلم يعرف التاريخ الإِسلامي أن هناك أنصاريًّا تقلد منصب الخلافة، أو حتى الوزارة، على الرغم من أن المدينة عاصمة الخلافة الراشدة هي مدينتهم، وهم سكانها الأصليين، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بل ومحمد نفسه كانوا لاجئين لديهم، فهل سمعت يومًا عن قومٍ في التاريخ الإنساني جعلوا اللاجئين لديهم حكامًا عليهم؟ اللهم إلا أنصار محمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجزاكم اللَّه كل خير أيها الأنصار، ولا أقول لكم إلا ما قاله الرسول: "اللهم اغفر للأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار" فاللَّه اللَّه يا شباب الإِسلام بأنصار نبيكم، واللَّه اللَّه بأصحاب محمد، فلقد آن الأوان لِتخرسوا ألسنة كلاب إيران النجسة التي تطعن في شرف الصحابة