دون المارين بخلاف صلاته إلى الطائفين. والفرق بين الطائفين وغيرهم من المارين بين يديه في إجازة الصلاة إليهم، أن الطائفين يصلون؛ لأن الطواف بالبيت صلاة وإن جاز فيه الكلام، ألا ترى أنه لا يكون إلَّا على طهارة؟ وإن صلى بالمسجد الحرام إلى سترة فلا يجوز لأحد أن يمر بينه وبينها من غير الطائفين -كما مر-، وله حينئذ أن يدرأ من يمر بينه وبينها، ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه يجوز أن يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة، وإن مر الناس بين يديه في الطواف وغيره، ولا إثم في ذلك عليه ولا عليهم، وأن مكة مخصوصة بجواز المرور فيها بين يدي المصلي بدليل ما روي عن المطلب بن أبي وداعة أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه ليس بينه وبين القبلة شيء (?))، وقال بعض الرواة: ليس بينه وبين الطواف سترة، فمن طريق المعنى أن الذي يصلي محاذيا إلى الكعبة يستقبل في صلاته وجوه بعض المصلين إليها، ولا يجوز ذلك في غيرها، فإذا جاز له أن يستقبل وجوههم. جاز له أن يمروا بين يديه؛ لأنه لا يستقبل بذلك إلَّا خدودهم، فهو أخف. والله سبحانه أعلم. قاله الإمام الحطاب، عن ابن رشد. وقد مر أن المصلي ينبغي له أن يدنو من السترة، واختلف في قدر الدنو منها، فقيل: يكون بينه وبينها قدر شبر، فإذا ركع تأخر، وقيل: قدر ثلاثة أذرع، وروى ابن القاسم: ليس من الصواب قدر الصفين، وفي الزاهي: ويصلي المصلي بينه وبين سترته قدر ممر الشاة.
وإنصات مقتد، يعني أنه يسن للمأموم في الجهرية أن ينصت؛ أي يسكت عن القراءة، وتكره قراءته سمع قراءة الإمام أو لم يسمع، ولو سكت إمامه، يعني أنه يسن للمأموم أن يسكت في الجهرية فلا يقرأ، ولو كان مذهب إمامه السكوت بين تكبيرة الإحرام والفاتحة، أو بين الفاتحة والسورة، وقيل: يقرأ المأموم في الجهرية إن لم يسمع قراءة الإمام، ورد المصنف "بلو" رواية ابن