لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا وصية لوارث)، فإن أجازها الورثة فهي جائزة عند جمهور العلماء لأن المنع من ذلك لحق الوارث، وقال أهل الظاهر: لا تجوز وإن أجازها الورثة لأن المنع من ذلك عبادة غير معقولة المعنى، وعلى ما ذهب إليه الجمهور هل تكون إجازتهم إمضاء أو عطية مبتدأة تفتقر إلى حيازة؟ في ذلك قولان. وفي نوازل الوصايا من المعيار ما نصه: وسئل الشيخ سيدي أبو الحسن الصغير من مراكش عن إجازة [الورثة (?)] هل هي تقرير أو إنشاء عطية؟ وما المشهور في ذلك من القولين؟ فأجاب: المشهور من القولين أنها إنشاء عطية، فتفتقر إلى ما تفتقر إليه الهبات. انتهى. فقد سلم تشهير أبي الحسن ولذلك اعتمده في غير العيار من كتبه كإيضاح المسالك وعنية المعاصر. قاله الرهوني.

ثم قال بعد جلب كثير من النقول: فالعجب من غفلة مصطفى عن هذه النصوص الصريحة القاطعة والحجج الواضحة الساطعة، والعجب من تسليم جسوس والبناني لكلامه، وأعجب من ذلك قول مصطفى: وزاد الأجهوري في التفريع على العطية افتقارها للقبول ولم أره لغيره. لخ. وتسليمهما له أيضا إذ ما قاله الأجهوري لا يعقل سواه، وقولهم وتعبيرهم بالإجازة ينافيه واضح السقوط لأنهم وإن عبروا بالإجازة فقد صرحوا بأنها عطية، وذلك يدل على أنه لا بد فيها من القبول اتفاقا إذ ذاك هو حكم العطايا، وقد سلم افتقارها إلى الحوز ثم جعل يقول وأيضا لا فائدة في القبول العاري عن القبض حتى يتعلق الحكم به، فما هذا إلا تهافت وما ألزمه للأجهوري غير لازم له؛ لأنه ليس في كلام الأجهوري أنه أراد أن القبول وحده كاف دون القبض، بل كلامه صريح في أنه لا بد من الأمرين معا، ونصه فهم من قوله فعطية أنه لا بد فيها من قبوك الموصى له ولا تتم إلا بالحيازة. انتهى.

ثم قال: إن القبول واقع في كلام الأئمة كالشيخ أبي الحسن، وفي المقصد المحمود ما نصه: فإن أجاز الورثة المحاباة للمبتاع افتقرت إلى قبول وقبض كالهبة، ثم قال: وإنما لم يصرح الأكثر بالقبول واقتصروا على الحوز لأنه محل الخلاف بين القولين المذكورين، وأما القبول فابن القصار ومن وافقه موافقون للجمهور في أنه لا بد منه. وعلم من الأنفال السابقة أن الخلاف جار مطلقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015