وكافرا بالنصب عطفا على "سفيها" يعني أنه تصح الوصية من الحر المميز وإن كان كافرا، قال الحطاب: يعني أن وصية الحر الميز المالك تصح وإن كان كافرا، وظاهر كلامه أن وصيته للمسلم جائزة بكل شيء يملكه الكافر، إلا بكخمر لمسلم المجروران متعلقان بيوصي مقدرا مع أن بعد إلا أي تصح وصيته للمسلم في كل شيء، إلا أن يوصي له أي للمسلم بخمر أو خنزير ووصية الكافر تصح بكل شيء يملكه حتى بالخمر والخنزير.

وأشار للركن الثاني وهو الموصى له بقوله: لمن يصح تملكه متعلق بإيصاء، يعني أنه يشترط في صحة الوصية أن يكون الموصى له ممن يصح تملكه لذلك الشيء الموصى به، فلا تصح الوصية لكحجر ولا وصية المسلم للكافر بمصحف أو نحو ذلك، ويدخل فيه أي فيمن يصح تملكه المجنون، وقوله: "لمن يصح تملكه" أي حقيقة أو حكما كالمسجد.

تنبيهات: الأول: قال عبد الباقي: وصية مستغرق الذمة باطلة وكذا عتقه، وإذا بطل ذلك فلا يرجع ميراثا بل يكون في الفيء كما في فتاوى ابن عتاب إلا ما ثبت كسبه بمال حلال. انتهى. قوله: فلا يرجع ميراثا، قال البناني: هذا هو الذي نقله بعضهم عن الداوودي، ونصه: قال الداوودي من أصحابنا: عتق مستغرق الذمة ووصاياه غير جائزة ولا تورث أموالهم ويسلك بها مسلك الفيء. انتهى. لكنه خلاف ما تقدم أول باب العتق، وأول باب الولاء عن ابن رشد أن عتق مستغرق الذمة بالتبعات التي جهل أربابها نافذ لا يبطل.

الثاني: قد قسم ابن رشد تنفيذ الوصية إلى خمسة أقسام، فمنها ما يجب تنفيذه، ومنها ما لا يلزم تنفيذه، ومنها ما لا يجوز تنفيذه، ومنها ما يختلف في وجوب تنفيذه، ومنها ما لا ينبغي تنفيذه. فأما ما يجب تنفيذه فثلاثة أنواع: أحدها أن يوصي بواجب كالزكاة وعتق الظهار، والثاني أن يوصي بمندوب كالوصية للمساكين، والثالث ما يختلف في كونه مندوبا على مذهب من يرى أنه مندوب أو لا على مذهب من يرى أنه ليس بمندوب، كالوصية بالحج أوجب مالك وأكثر أصحابه تنفيذ الوصية ولم يوجب ذلك ابن كنانة، والثاني أن يوصي بالمباح كالوصية ببيع ملك من أملاكه أو عبد من عبيده وهو لا يرغب في ذلك أو ما أشبه ذلك، وأما ما لا ينبغي تنفيذه فنوع واحد وهو المكروه كالوصية بإقامة لهو في عرس مما استحب وجوز فهذا ينبغي للورثة أن لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015