وابن عرفة, وظاهره أن المولى عليه إذا أوصي له بشيء فدفع الوصي ذلك إليه ولم يدفعه إلى وليه فلا ضمان عليه. فتأمله. والله أعلم. انتهى. قاله الحطاب.
وهل إن لم يتناقض أو أوصى بقربة يعني أنه وقع في المدونة ما نصه تجوز وصية ابن عشر سنين وأقل مما يقاربها إذا أصاب وجه الوصية، وفي الأمهات ما معنى إذا أصاب وجه الوصية فقال هو أن لا يكون فيها اختلاط، ففسر اللخمي إذا أصاب وجه الوصية بأن يوصي بما فيه قربة لله تعالى أو صلة رحم، فأما أن يجعلها لمن يستعين بها فيما لا يحل من شرب أو غيره فلا تمضي، فعلم من هذا أن تفسير اللخمي لقول المدونة إذا أصاب وجه الوصية بأن يوصي بما فيه قربة لله تعالى هو تفسير لعدم الاختلاط، وفسر أبو عمران الاختلاط بقوله الذي يخلط في كلامه ليس بجيد العقل مثل أن يذكر في كلامه ما يبين به أنه لم يعرف ما ابتدأ به كلامه أولا. انتهى.
أبو الحسن: ما فسر به اللخمي خلاف ما فسر به في الأمهات، قوله: وذلك إذا لم يكن فيها اختلاط. انتهى. فعلم من هذا أن الخلاف إنما هو في تفسير اللفظ فقط، فاللخمي فسر المدونة بأن يوصى بما فيه قربة، وفسرها أبو عمران بأن يقول كلاما مختلطا لا معنى له، وما قاله أبو عمران هو الأسعد بظاهر المدونة. والله تعالى أعلم. فقول المصنف: "إن لم يتناقض" معناه إن لم يخلط, وأن عدم التناقض والوصية بقربة متفق عليهما. وقوله: "وهل إن لم يتناقض" لخ هو في الصغير كما عرفت ويجري في السفيه أيضا.
وقوله: تأويلان مبتدأ حذف خبره أي في ذلك تأويلان، وقد علمت أن الأول لأبي عمران والثاني للخمي، وجعل البناني محل التأويلين في قوله: إذا أصاب وجه الوصية دون قوله إن لم يخلط.
تنبيه: قال الحطاب: قال المشدالي في حاشيته على المدونة في هذا المحل: سئل ابن عبد السلام عن صبي يزيد على عشر سنين أوصى بثلثه، فبعد وفاته قام عصبته على الموصى لهم وقالوا: الصبي لم يعقل القربة ولم يميز بين الحسنات والسيئات فوصيته باطلة, وقال الموصى لهم: بل يعقل ويميز، فعلى مَنِ الإثبات؟ فقال: يسئل شهود الوثيقة، فإن قالوا نعلم أنه مميز أو ثبت ذلك بغيرهم صحت الوصية، فإذا عجز الموصى لهم عن إثبات ذلك لم تنعقد الوصية. قلت: فحاصل هذا الجواب الظريف أن الموصى لهم مدعون لأن الأصل عدم التمييز.