الرابع: اعلم أن أركان الوصية أربعة: الموصي والموصى له والموصى به والصيغة، وأشار لأولها مع شروطه بقوله: صح إيصاء حر يعني أن الوصية تصح من الحر، واحترز بذلك من الرقيق ولو ذا شائبة فإنه لا تصح وصيته، قال الخرشي: يعني أنه يشترط في الموصي أن يكون حرا فالعبد ولو بشائبة لا تصح وصيته. انتهى. وقال الشبراخيتي: صح إيصاء حُر لا رق ولو بشائبة. انتهى. ونحوه لغير واحد، وقال المواق ابن شأس: وتصح من كل حر. انتهى.

مميز يعني أنه يشترط في الموصي أن يكون مميزا واحترز بذلك من الصبي الذي لا ميز عنده ومن المجنون فلا تصح وصيتهما، وكذلك السكران الذي لا ميز عنده فإنه لا تصح وصيته. قال عبد الباقي: مميز لا مجنون وصغير وسكران غير مميزين حين الايصاء. انتهى. قوله: "غير مميزين" قال الرهوني: يحتمل أنه مثنى فهو راجع للصغير والسكران، ويحتمل أنه جمع فيرجع لهما وللمجنون إذا كان يفيق أحيانا وهذا أولى، وقد قال في المدونة: ولا تجوز في حال خبله. انتهى. وقوله: خبله, قال أبو الحسن: بفتح الخاء والباء هو اختلاط في عقل، قال في مختصر العين: ويقال فساد في عقل، انظر لو شهد عدلان أن الوصية كانت في حال إفاقته وشهد عدلان أنها كانت في حال خبله. ابن الهندي: تصدق البينة أنها كانت في حال إفاقته. الشيخ: ولا يبعد أن يدخلها الخلاف فيقال هي تهاتر. انتهى.

وفي المصباح: الخبل بسكون الباء: الجنون وشبههُ كالعرج والبله، والخبل بفتحها أيضا. انتهى.

وفي القاموس: الخبل بالتحريك الجن كالخابل وفساد في القوائم والجنون ويضم وبفتح. انتهى.

وقول أبي الحسن: ولا يبعد أن يدخل الخلاف الخ ظاهر قوله فيقال هي تهاتر أنه لا ينظر على هذا إلى زيادة عدالة وليس كذلك، ثم كلامه يفيد أنه لم يقف في ذلك على نص مع أن ذلك منصوص. راجع ما قدمناه عند قوله في الشهادات: "وبنقل على مستصحبة"، ولما ذكر ابن رشد في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا الخامس: مسألة من شهد عليه شاهدان أنه أوصى وهو مريض وأنه مات من مرضه، وشهد آخران أنه صح من مرضه، قال بعد كلام ما نصه: وقال أصبغ فيه: إن شهادة الصحة أعمل وهو في هذه المسألة أظهر لأنها علمت من صحته ما جهلته الأخرى، ومثل قول أصبغ لابن القاسم في سماع أبي زيد من كتاب الشهادات في التي أوصت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015