أوصى والتزم عدم الرجوع فإن ذلك لازم له من غير موت، قلت: فيه خلاف، والحد للأعم من محل الخلاف والاتفاق. انتهى.
وقال البناني: قال عبد الحق: الوصية على ضربين واجبة ومستحبة، فإن كان عليه حق أو له فهي واجبة، وإن لم يكن عليه حق ولا له فهي مستحبة، ونحوه للمازري وبعض القرويين كما في التوضيح, وزاد: إنما تجب عليه الوصية في ذلك فيما له بال وجرت العادة فيه بالإشهاد من حقوق الناس وأما اليسير من ذلك فلا تجب فيه إذ لا يكلف بذلك كل يوم وليلة للمشقة وأوجبها الظاهرية، ولنا في صحيح مسلم: (ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين وفي رواية يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة)، ولو كانت واجبة لما وكلها إلى إرادته وخصه بعض شيوخ عبد الحق بالموعوك، وقال ابن رشد: الصواب حمله على الموعوك والصحيح لأن الصحيح قد يفجأه الموت. انتهى باختصار. ونحوه نقله أبو الحسن. انتهى.
تنبيهات: الأول: قال الإمام الحطاب: قال منذر بن سعيد: حكمة مشروعية الوصية تقوية الزاد إلى المعاد, وقال في الشامل: الوصية مستحبة إلا لمن عليه تعلق له بال فتجب.
الثاني: قال الشبراخيتي: وأما حكمها فقسمهُ اللخمي وابن رشد للأحكام الخمسة, فتجب عليه إن كان عليه دين أو نحوه، ويندب إليها إذا كانت بقربة في غير الواجب, وتحرم بمحرم كالنياحة ونحوهاة وتكره إذا كانت بمكروه أو في مال قليل، وتباح إذا كانت بمباح من بيع أو شراء أو نحو ذلك. ثم إن إنفاذ ما عدا المحرم لازم وأما قول ابن رشد: وكذلك ينقسم إنفاذها على الخمسة المذكورة فالمراد إنفاذها قبل موت الوصي، فيجب إنفاذ ما يجب منها ويحرم عليه الرجوع عنه ويندب إنفاذ ما يندب منها، فإن خالف ولم ينفذ فقد ارتكب خلاف المندوب وهو إما الكراهة أو خلاف الأولى، وإنفاذ ما يكره منها مكروه والمطلوب منه الرجوع عنه، وإنفاذ ما يباح منها مباح فله فعله والرجوع عنه، ويأتي رد ما قاله من وجوب تنفيذ المكروه والمباح. والله تعالى أعلم.
الثالث: قال الشبراخيتي: وأما الوصية بعمل المولد الشريف فذكر الفاكهاني أن عمل المولد مكروه والمكروه يلزم الوارث أو من يقوم مقامه إنفاذ الوصية به، وقد ذكر ذلك الشافعي. انتهى.