وهو الذي يفيده كلام العتبية، ويستحب الدنو من السترة قيل: بشبر فإذا ركع تأخر، وقيل: بذراغ، وقيل: قدر مرور الشاة، وقيل: قدر ثلاث أذرع، وقال الإمام مالك: لا بأس أن ينحاز الذي يقضي بعد سلام الإمام إلى ما قرب منه من الأساطين بين يديه، وعن يمينه، وعن يساره، وإلى خلفه يقهقر قليلا يستتر بها، وإن بعد أمام ودرأ المار جهده: وروى ابن نافع بالمعروف.
تنبيهات، الأول: مفهوم قول المصنف: لإمام وفذ، أن المأموم ليس كذلك، فلا يطلب بها وهو كذلك؛ لأن سترة الإمام سترة لمأمومه. قاله عبد الوهاب. وعن الإمام مالك أنه قال: إن الإمام سترة للمأموم. قيل: على حذف مضاف أي سترة الإمام سترة للمأموم فيتفقان: وقيل: يختلفان فيبقى كلام الإمام على ظاهره، وتظهر فائدة الخلاف فيمن مر بين الصف الذي خلف الإمام والإمام، فعلى الخلاف يأثم عند الإمام، وعلى الوفاق لا يأثم، كما لا يأثم في المرور بين الصفوف على كلا، القولين؛ لأن السترة حينئذ حكمية لا حسية، والمنع إنما هو في الثانية، قاله الإمام الحطاب، وغيره. وبحث فيه بأن السترة مع الحائل ليست أدنى من عدم السترة أصلا، وقد قالوا بالحرمة فيه. نعم إن قلنا: إن الإمام سترته، فحرمة المرور بين الإمام وسترته لحق الإمام فقط، وإن قلنا: سترة الإمام سترته، فالحرمة فيه من وجهين فليتأمل. قاله الشيخ الأمير:
الثاني: في الحديث: (سترة المصلي مثل مؤخرة الرحل يجعله بين يديه (?))، وفي المدونة: قال مالك: هو نحو عظم الذراع، يريد في الارتفاع، والذراع ما بين طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى، ومؤخرة الرحل هي العود الذي خلف الراكب، وهي بضم اليم وكسر الخاء بينهما همزة ساكنة ة وبفتح الواو وشد الخاء، ويقال آخرة بالمد، ويقال: بضم الميم وفتح الخاء مشددة بينهما همزة مفتوحة.
الثالث: قال الشيخ ميارة: وهل شرعت للصلاة حذارا من مرور ما يشتغل به، أو حريما للصلاة حتى يقف نظره عندها؟ قولان، والمذهب أن المصلي يدفع من يمر بين يديه دفعا خفيفا لا يشغله عن الصلاة، وقال أشهب: إذا مر بين يديه شيء بعيدمنه رده بالإشارة ولا يمشي إليه، فإن