والمجنون فلا يصح عتقهما، قال عبد الباقي: إنما يصح أي ينفذ ويتم صحة تامة، بمعنى يلزم إعتاق مكلف مسلم ولو سكرانا على المشهور لتشوف الشارع للحرية إلا الطافح فكالبهيمة كما لأبي الحسن، وينبغي أن يقيد بما إذا كان سكره بحلال وإلا لزمه في هذه الحالة أيضا قياسا على ما مر في البيع، وتقدم أنه يلزمه طلاقه ولا تصح هبته. انتهى. قوله: بمعنى يلزم، قال البناني: دفع به بحث ابن مرزوق حيث قال: لو قال إنما يلزم كان أولى لصحة عتق بعض المحجور عليهم إذا أجازه من له الحق ولو كان غير صحيح ابتداء لما تم. انتهى. فلذا حمل الزرقاني وغيره من المتأخرين يصح على معنى يلزم وإن كان بعيدا من اللفظ؛ إذ ليس في كلامه ما يدل عليه غير قوله: "ولغريمه رده" ففيه إشارة إليه، مع أن الحطاب قال: يرد على كونه بمعنى يلزم الكافر فإنه إذا أعتق عبده الكافر لا يلزمه عتق، مع أنه يصدق عليه، مكلف لا حجر عليه لأن الصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. انتهى. وقوله: وينبغي أن يقيد بما إذا كان سكره بحلال الخ هذا غير صحيح، وقد نقل الحطاب أول البيوع عن ابن رشد في أثناء كلامه ما نصه: أما سكران لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فلا اختلاف في أنه كالمجنون في جميع أحواله وأقواله فيما بينه وبين اللَّه وفيما بينه وبين الناس، إلا ما ذهب وقته من الصلوات فإنه لا يسقط عنه بخلاف المجنون. انتهى المراد منه. وأما التفصيل الذي في قوله:
لا يلزم السكران إقرار عقود ... بل ما جنى عتق طلاق وحدود
فإنما ذكره ابن رشد في السكران المختلط الذي معه ضرب من العقل، قال: وهو مذهب مالك وعامة أصحابه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب. انظر البناني. وقال الحطاب عند قوله "إنما يصح إعتاق مكلف" ما نصه: فلا يصح عتق الصبي ولو علقه بيمين فحنث فيها بعد البلوغ كان بإذن وليه أو بغير إذن وليه. قاله في المقدمات وغيرها. وقال في العتق الثاني من المدونة: ولا يجوز عتق المعتوه إذا كان مطبقا ولا الصبي، وإن قال صبي كل مملوك لي حر إذا احتلمت فاحتلم فلا شيء عليه وكذا المجنون، قال في عتقها الثاني: ومن حلف بعتق عبده إن فعل كذا فجن ثم فعل ذلك في حال جنونه فلا شيء عليه، قال أبو الحسن: قال أصبغ: ومن حلف ليفعلن فعلا إلى