وشوائبه إنما تكون عند إياسهم من الحياة وقربهم من الموت؛ لأن حب الإنسان في المال شديد لا يسمح في إخراجه حال الصحة إلا الصابرون.
ولما فرغ من جميع ما يحتاج إليه من الأحكام، عبادات ومعاملات حال الصحة لم يبق إلا ذكر ما يحتاج إليه عند الموت. انتهى. وقال المتيطي في نهايته: اعلم وقفنا اللَّه وإياك أن العتق عمل من الأعمال ومن إحدى القرب التي يتقرب بها إلى اللَّه تعالى، قال اللَّه سبحانه: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}، والمن العتاقة الخ. قال: وهو مندوب إليه لقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} الآية، وعتق الذكران أفضل من عتق الإناث؛ لأن الرجل إلى العتق أحوج وكثير من الإناث من لا يرغب في العتق وترى أن كونها مملوكة أحسن لها وإن عتقت ضاعت، وأعلى الرقاب ثمنا أعظمها أجرا لقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم حين سئل أي الرقاب أفضل؟ قال: (أعلاها ثمنا). انتهى. وما جزم به من أن عتق الذكران أفضل من عتق الإناث سبقه إليه اللخمي، وظاهر كلام اللخمي والمتيطي إن عتق الذكر أفضل مطلقا. وفي ابن سلمون عن أجوبة ابن رشد أنه سئل في عتق الإماء والعبيد أيهما أفضل؟ فقال: اختلف العلماء في ذلك إلى آخر ما مر، وقد أجمل في الخلاف وبينه في المقدمات، فقال فيها ما نصه: وقد اختلف في هذا التفضيل هل هو على عمومه في جميع الرقاب مسلمين كانوا أو كافرين، أو إنما ذلك عند استوائهما في الكفر والإسلام، فروى زياد عن مالك أنه قال: أفضل الرقاب أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ولا أبالي يهوديا كان أو نصرانيا أو ولد زنى وقال أصبغ: عتق المسلم أفضل من عتق الكافر وإن كان أقل ثمنا منه، وإنما يكون الأعلى ثمنا أفضل عند استوائهما في الكفر والإسلام. انتهى. ومثله للمتيطي وظاهر قول ابن رشد في الأجوبة، كما أن عتق الأفضل في الدين الخ، ولو كان الآخر أعلى ثمنا والمتعين حمله على أنهما استويا ثمنا لحكاية الاتفاق، ولا يصح ذلك إلا بالقيد المذكور؛ لأنه إذا قال مالك في رواية زياد وكتاب ابن حبيب: إن عتق الكافر إذا كان أعلى ثمنا أفضل من عتق المسلم، فكيف لا يقول ذلك في المسلمين مع اشتراكهما في الإسلام وتفاوتهما فيه؟ فتأمله. واللَّه أعلم. انتهى.
وأركان العتق ثلاثة: المعتِق بكسر التاء والمعتَق بفتح التاء والصيغة، وأشار المصنف إلى الأول بقوله: إنما يصح اعتاق مكلف يعني أنه لا يصح إلا إعتاق المكلف، واحترز بذلك من الصبي