الآية، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يدخل أحدكم الجنة بعمله (?))؛ لأن الباء في الحديث للسببية والباء في الآية باء العوض، وإنما لم تكن الأولى للسببية، لأن المعطي بعوض قد يعطي مجانا. والمسبب لا يوجد بدون السبب، وقالت المعتزلة قبحهم الله تعالى: إن الباء في الآية للسببية. والاستعلاءُ نحو: {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ}، وباء الاستعلاء هي التي يصلح في موضعها على: والزائدة نحو، {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}، ونحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}: ونحو: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، والتبعيض نحو: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. والعجاوزة نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} والظرف نحو: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ}: والغاية نحو: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي}، أي إلي، وقيل: ضمن معنى لطف واليمين نحو بالله لأفعلن أو بالله هل قام زيد؟ أي أسألك بالله مستخبرا. وهذا الأخير هو القسم الاستعطافي.
والاسم هو اللفظ الدال بالوضع على معنى مَّا فيتناول الاسم النحوي وقسيميه. وقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} يتناول جميع ذلك، والمسمى هو مدلول اللفظ، ومسألة الاختلاف في الاسم، هل هو عين المسمى، أو غيرة؟ مسألة طويلة الذيل قليلة النيل؛ إذ الخلاف فيها لفظي، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن أبي سلمة، وهو صغير ويده تطيش في الصحفة: (سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك (?))؛ أي اذكر اسم الله. {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} أي وضعت لها هذا الاسم، وعينته للدلالة عليها، ومنه: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ}. وبنى بعضهم على الخلاف المتقدم أن من قال لزوجته: اسمك طالق، تطلق على اتحادهما، لا على الآخر، وأن من قال: بسم الله لأفعلن، تلزمه اليمين على الاتحاد، لا على الآخر، والجاري على مذهبنا عدم لزوم اليمين والطلاق إلا إذا نوى بالاسم الذات مجازا. والله أعلم. ولكون الاسم غير السمى حسن التمني في قول الشاعر:
وقد زعم الواشون أن قد شتمتني ... ويا حبذا من فيك لو علموا الشتم
لقد قبل اسمي فاك حين ذكرتني ... فليت المسمى مثل ما زعموا الإسم