الواسطة في حصول العمل المشروع فيه لبركة الاسم الشريف، فمئال المصاحبة والاستعانة هنا واحد، وقيل. إن الباء هنا بمعنى على، والظاهر أن القائل بذلك أراد الاستعلاء المجازي، نحو: سر على اسم الله: وقيل: إنها للإلصاق، وهذان راجعان لما قبلهما، وقد قالوا: إن معاني الكتب السماوية مجموعة في القرآن، ومعاني القرءان مجموعة في الفاتحة، ومعاني الفاتحة مجموعة في البسملة، ومعاني البسملة مجموعة في بائها السيوطي: وجه الجمع في بائها بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب، والباء للإلصاق، فهي تلصق العبد بجانب الرب، وذلك كمال المقصود. قاله الشيخ عبد الباقي. وفيه: أن الباء حرف شفهي تنفتح الشفة به ما لم تنفتح بغيره من الحروف، فالميم وإن كان شفهيا لا تنفتح الشفة به كما تنفتح بالباء حسا، وكان أول انفتاح فم الذرة الإنسانية في عهد {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} في جواب "بلى"، فاختارها الله تعالى، ورفع قدرها، وأعلى شأنها، وجعلها مفتاح كتابه، وقرنها باسم ذاته وصفاته، وقيل: إن الباء هنا زائدة وهو مرغوب عنه، ومن الغريب أنها للقسم؛ أي القسم على أن ما في هذه السورة حق ونحوه في الغرابة قول من قال إنها للتعدية متعلقة بالحمد، يعني في الفاتحة ونحوها مما ذكر فيه الحمد بعدها، ولبعضهم في جميع معاني الباء:
تعد لصوقا واستعن بتسبب ... وبدل صحابا قابلوك بالاستعلا
وزد بعضهم إن جاوز الظرف غاية ... يمينا تحز للبا معانيها كلا
فباء التعدية هي المعاقبة للهمز نحو: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} أي أذهبه، فليس معنى ذهبت بزيد أنك مصاحب له في الذهاب؛ خلافا للمبرد والسهيلي، والإلصاق هوأصل معانيها وما عداه راجع إليه؛ وهو يكون حقيقيا نحو: أمسكت بزيد، ومجازيا نحو: مررت بزيد أي ألصقت مروري بمكان يقرب منه، وقيل: للاستعلاء، بدليل قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ}، والسببية نحو: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}، والبدل نحو قول الأنصاري رضي الله تعلى عنه: ما يسرني أني شهدت بدرا بالعقبة أي بدلها، والمصاحبة نحو: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} أي معه أي كافرين، والمقابلة نحو: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. وبهذا يتبين لك أنه لا تعارض بين