لمعصية اللَّه وهي ما ليس للآدمي إسقاطه كالأكل في نهار رمضان لغير عذر إلا أن يجيء تائبا أو لحق آدمي وهو ماله إسقاطه كشتم آخر وضربه أو أذاه بوجه لا ما ليس للَّه فيه حق؛ لأنه ما من حق لآدمي إلا وللَّه فيه حق إذ من حق اللَّه تعالى على كل مكلف ترك أذاه لغيره، ومعنى كلام المؤلف أن الإمام يعزر لمعصية اللَّه تعالى، وكذا يعزر أيضا لحق الآدمي. وقد علمت أن المراد بالمعصية هنا ما تمحض حقه للَّه تعالى، فإن كان ليس للآدمي إسقاطه وأن المراد بحق الآدمي ما للآدمي إسقاطه مع أن فيه معصية للَّه تعالى.
تنبيهات: الأول: قال الحطاب: قال ابن ناجي في شرح المدونة في كتاب القذف: الأدب يتغلظ بالزمان والمكان، فمن عصى اللَّه في الكعبة أخص ممن عصاه في الحرم، ومن عصاه في الحرم أخص ممن عصاه في مكة، ومن عصاه في مكة أخص ممن عصاه خارجها. انتهى. وقال في المسائل الملقوطة: يلزم التعزير من سرق مالا قطع فيه والخلوة بالأجنبية ووطء المكاتبة ونحو ذلك من الاستمناء وإتيان البهيمة واليمين الغموس والغنتى في الأسواق والعمل بالربى وشهادة الزور والتحليل والشهادة على نكاح السر، وكذلك الزوجان والولي إلا أن يعذروا بجهل فيجب على هؤلاء التعزير فقط، وتلزم العقوبة من حمى الظلمة وذب عنهم ومن دفع عن شخص وجب عليه حق ومن يحمي قاطع الطريق أو سارقا أو نحو ذلك، فإن من يحميه ويمنعه عاص للَّه وتجب عقوبته حتى يحضره إن كان عنده وينزجر عن ذلك إلا أن يكون إحضاره إلى من يظلمه ويأخذ ماله أو يتجاوز فيه ما أمر به شرعا، فهذا لا يحضره ولكن يتخلى عنه ويرتدع عن حمايته والدَّفْع عنه. انتهى. ومنه: ويؤدب من حلق شاربه ومن طلق ثلاثا في كلمة واحدة ومن نكح بين الفخذين ومن قام بشكية باطل فينبغي أن يؤدب، وأقل ذلك الحبس ليندفع بذلك أهل الباطل واللدد. من أحكام ابن سهل. قاله في شهادة السماع والأحباس. واللَّه أعلم. انتهى.
الثاني: ظاهر كلام المنصف أن المكروه لا أدب فيه، وصرح بذلك في باب الأيمان من التوضيح قال: وقد نصوا على تأديب الحالف بالطلاق والعتاق ولا يكون الأدب في المكروه. انتهى. وقال في المدخل في فصل اللباس: وقد قال علماؤنا في تارك شيء من السنن والآداب إن الواجب أن يقبح له فعله وأن يذم علي ذلك، فإن أبى أن يرجع هجر من أجل ما أتى من خلاف السنة. انتهى.