الذين جسيم، فعظمت رغبة النساء في ذلك والرجال وآل إلى شربهم المسكر مع اعتقادهم أنه حلال، وقد شاع على ألسنة كثير أن مستندهم في ذلك ومعتمدهم على فتوى شيخنا الجنوي، فإنه سُئِلَ بما نصه: جوابكم عن شرب الصامت المطبوخ الذي فيه قوة يحس بها من شربه بحيث يجد في نفسه سرورا وكثرة الكلام وسخانة في جوفه فقط، هل ذلك مما يوجب تحريمه أم لا؟ فَأَجَابَ بقوله: حقيقة المسكر هو ما غيب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح كما في التوضيح وغيره، وعليه إن كان العصير المذكور إن ترك بلا ماء وشرب يفعل ما يفعله الخمر فلا إشكال في كونه خمرا، وإن كان إنما يسخن ويحصل فرحا إلا أنه لما يغيب العقل فليس بمسكر وكثير من المعاجين تفرح وكذا الزعفران، وعند الفرح يحدث كثرة الكلام لأن المهموم كثير الصمت، فإذا لم يقع تغييب للعقك فليس بمسكر. واللَّه أعلم.
وكتب محمد بن الحسن الجنوي الحسني لطف اللَّه به آمين انتهى: فتأمل كيف يكون هذا حجة لهم وهو قد صرح أولا ووسطا وآخرا بأن ما يسكر منه خمر فلا يحل شربه؛ فأعرضوا عن ذلك وتمسكوا بقوله: وكثير من المعاجين تفرح الخ، وليس في السؤال ولا في الجواب أن كثرة الكلام الذي يحدث عند شربه من الكلام الساقط الذي يشبه الهذيان، ومع ذلك فقد حدثني الثقة عن الفقيه المحدث الصالح سيدي الصادق بن ريسون الحسني أنه كان ينكر هذا الجواب عن شيخنا ولا يقول به، وما ذلك واللَّه أعلم إلا لأنه رأى أنه ينافي ما بني عليه مذهب مالك رضي اللَّه عنه من سد الذرائع مع أنه عالم كبير، فتكون فتواه شبا لإباحة شرب المسكر، فهو كقول عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه لسيدنا عمر رضي اللَّه عنه: أحللتها واللَّه، ومن تأمل جميع ما قدمناه من الأحاديث وكلام الأئمة وكان معه قلامة ظفر من الإنصاف تبين له صحة جميع ما قلناه، والعلم كله للَّه. انتهى كلام الرهوني. والصامت: الخاثر. واللَّه تعالى أعلم.
ثمانون مبتدأ أو فاعل كما مر، وتمييزه محذوف يعني أنه يجب على الحر المسلم المكلف بسبب شربه المار ثمانون جلدة، ذكرا كان أو أنثى، بعد صحره يعني أن الجلد المذكور إنما يكون بعد الصحو والصحو نقيض المسكر، قال عبد الباقي: فإن جلد قبل صحوه اعتد بذلك إن كان عنده ميز وإن كان طافحا أعيد عليه الحد، وإن لم يحس في أوله وحس في أثنائه حسب له من أول ما