العمدة، ولكن لم يقل: وابتلع ريقه، وإنما زاده على الأجهوري غير معزو، قال عبد الباقي: ومثل نقل الحطاب عن الفاكهاني لا يُرَدُّ عليه بظاهر المنصف أنه لا يشمل غمس الإبرة فيه وأنه من التعمق في الدين. انتهى المراد منه. وفي المواق: ولا حد أيضا على من شرب مباحا ظانا أنه خمر لكن تسقط عدالته. قاله عز الدين. انتهى. وقوله: "وإن قل"، راجع إلى قوله: "ما يسكر"، قال التتائي: "وإن قل"، متعلق بقوله: "ما يسكر" أي إذا أسكر جنسه حد بشرب ما قل منه.
ولا يشترط ظهور السكر منه ولا علمه بوجوب الحد فيه، ولهذا قال: أو جهل وجوب الحد مع علمه بالحرمة أو الحرمة يعني أنه لا يسقط الحد عن شارب الخمر بسبب جهله لحرمة الخمر لأجل قرب عهد منه بالإسلام، أو لكونه بدويا لم يقرأ الكتاب ولم يعلمه ويجهل مثل ذلك فلا يرفع عنه الحد بذلك، قال ملك: لأن الإسلام فشا ولا أحد يجهل شيئا من الحدود، وخالف ابن وهب، وأما لو علم بالتحريم وجهل وجوب الحد لَحُدَّ اتفاقا. قاله التتائي. وقال المواق: قال ابن شأس: أما لو علم التحريم وجهل وجوب الحد لحد قولا واحدا، وقال ابن المواز: من شربه ممن لا يعلم تحريمه كالأعجمي الذي دخل دار الإسلام فلا عذر لأحد بهذا في سقوط الحد. انتهى.
تنبيه: قال الحطاب: قال في المسائل الملقوطة: قال مطرف: وكان مالك يرى إذا أخذ السكران في الأسواق والجماعات قد سكر وتسلط بسكره وآذى الناس أو روعهم بسيف شهره أو حجارة رماها وإن لم يضرب أحدا أن تعظم عقوبته بضرب حد السكران ثم يضرب الخمسين وأكثر على قدر جرمه؛ وقد حكى مطرف عن مالك في الواضحة أنه يضرب الخمسين ومائة ومائتين ونحو ذلك، ويكون الحد منهما وفيهما. انتهى. وقوله: "أو جهل" عطف على "قل" فهو داخل في حيز المبالغة.
ولو حنفيا بشرب النبيذ يعني أن من شرب النبيذ المسكر أي نبيذ غير العنب يحد ولو كان الشارب له حنفيا يرى جواز ما لا يسكر منه فيحد إذا رفع لمالكي، وأما ما يغيب العقل منه فحرام عند الحنفي ويحد عنده، وأما الخمر فحرام عنده أيضا وإن لم يسكر.