نهار في زقاق أو دار قاتل ليأخذ المال. وتحقيق الحرابة أن تقول هي كل فعل يقصد به أخذ المال على وجه يتعذر معه الغوث والخروج بمجرد منع الانتفاع بالطريق. وحدودها أربعة بينها اللَّه تعالى في كتابه العزيز، بقوله جل وعز: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}، ولم يبين المنصف القتل اكتفاء عنه بذكر القتال.
وأشار للحد الثاني بقوله: ثم يصلب فيقتل يعني أنه إذا قدر على المحارب فإن الإمام يخير فيه بين أربعة أمور، إما أن يقتله وإما أن يصلبه حيا على خشبة يربط جميعه بها لا من أعلاه فقط وبعد الصلب يقتل مصلوبا قبل نزوله على المعتمد، وقوله: "يصلب" أي حيا غير منكس، وثُمَّ هنا للترتيب الإخباري لا الرتبي قال عبد الباقي: ثم يصلب حيا على خشبة يربط جميعه بها لا من أعلاه فقط، كابطيه وَوَجْهُهُ أو ظَهْرُه لها غيرَ منكوس، فيقتل مصلوبا قبل نزوله على المعتمد، وإذا مات قبل أن يصلب لم يصلب، ولو قتله إنسان قبل صَلْيه صَلَبَه، وإنما ترك صلبه إذا مات قبله لأنه قبل فعل شيء من الحد، وفي قتله قد فعل معه بعضه، وثم في قوله: "ثم يصلب" لترتيب الإخبار، ولو قال: أو يصلب لكان أحسن، وهو عطف على مقدر بعد قوله: "فيقاتل بعد المناشدة" أي ويقتل أو يصلب فيقتل.
تَتِمَّةٌ: قال في غاية الأماني: لو قتل المحاربَ أَحَدُ ورثته، فقيل يرثه وقيل لا يرثه. انتهى. قلت: ينبغي أن يكون الراجح الأول قياسا على ما تقدم في الباغية، من قوله: "وكره للرجل قتل أبيه وورثه". انتهى. وقال الشبراخيتي: ما أفاده من تأخير القتل عن الصلب هو المعتمد، وظاهر كلام ابن فرحون أنه يربط جميعه لا من أعلاه فقط كإبطيه، وظاهره سواء قتله الإمام أو غيره وهو كذلك، ولو حبسه الإمام ليصلبه فمات لم يصلبه، ولو قتله إنسان في السجن فله صلبه. قال التتائي: وسكت عن كونه ينزل بعد ثلاثة أيام أو من ساعته أو يترك إلى أن يفنى أو تأكله الكلاب وعن الصلاة عليه وعدمها، وهل ينزل لها أو يصلى عليه مصلوبا؟ وعلى أنه ينزل هل يعاد للصلب أو لا؟ وفي كل خلاف. انتهى.