محاربا في القرية إلا أن يريد بذلك القرية كلها، فأما المختفي في القرية لا يؤذي إلا الواحد والمستضعف فلا. انظر التوضيح. ووجه الشارح قول ابن الماجشون: بأن الغوث لا يتعذر معه حينئذ. وفي الموازية: قد يكون الواحد محاربا. انتهى.
فتحصل من هذا أنه يكون محاربا وهو منفرد، سواء كان في قفر أو كان في مدينة فيها أهلها، وسواء أراد أهل القرية كلهم أو أراد بعضهم، وَرَدَّ بالمبالغة قول ابن الماجشون القائل: إذا كان في قرية فلا يكون محاربا إلا إذا قصد جميع أهلها، فأما المختفي في القرية لا يؤذي إلا الواحد والمستضعف فلا يكون محاربا. واللَّه تعالى أعلم. قال الشبراخيتي: وإن انفرد بمدينة أي كان واحدا ليس معه أحد وهو في مدينة فيها أهلها، سواء قصد جميع أهل القرية أم لا، وقيل: لا بد أن يقصد الجميع وإلا لم يكن محاربا، ورد به على ابن الماجشون. انتهى. وقال البناني عند قوله: "وإن انفرد بمدينة" ما نصه: استظهر ابن عاشر أن كلام المنصف فيه مبالغتان؛ أي وإن انفرد وإن كان بمدينة. انتهى. وعلم مما قررت أن قوله: "بمدينة" حال، والباء ظرفية أي وإن انفرد بالحرابة حال كونه كائنا في مدينة فيها أهلها وهو يحاربهم أو بعضهم.
كمسقي السيكران لذلك أي لأخذ المال؛ يعني أن من سقى شخصا سيكرانا وهو نبت دائم الخضرة يوكل حبه يُذهِب العقل ليأخذ ماله، فإنه يكون محاربا، وأشد منه -يعني من السيكران في تغييب العقل- البنج بالكسر وهو نبت يشبه البقل، وأشد منه نبت يسمى الداثورة والسيكران بضم الكاف وفتحها كضيمران وفي الصباح والضيمران الريحان الفارسي، والضومران بالواو لغة والميم تضم وتفتح فيهما. قاله الرهوني.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: المقصود بالسيكران هنا ما يسكر أيا كان، لقول ابن مرزوق: السيكران ما يسكر من نبات أو غيره بشرب أو أكل، وقوله: "كمسقي السيكران" تشبيه في قوله: "قاطع الطريق" الخ؛ أي أن المحارب هو قاطع الطريق، الخ وكذلك مسقي السيكران لأخذ المال فإنه محارب، وظاهر المنصف أن مسقي السيكران لأخذ المال محارب وإن لم يكن ما سقاه يموت به، وظاهر الموازية أنه لا يكون محاربا إلا إذا سقى ما يُقتل به. وفي المواق بدل الموازية: المدونة: ولعله تحريف. انتهى. انظر شرح عبد الباقي.