فهو القذف الذي حرمه اللَّه على عباده ولعن فاعله في الدنيا والآخرة وتوعد عليه بالوعيد العظيم، حيث يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، يريد بالمحصنات العفائف، وبالغافلات الغافلات عن الفواحش والفجور ولم يفطنَّ ولا عرفن بها، فقذف المحصنات مما لا يختلف أهل العلم أنه من الكبائر الموبقات. روي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: (قذف المحصنات يحبط عمل مائة سنة) (?)، وهذا عند غير واحد من الموثقين ما لم يتب أو يحد، فإذا أخذ منه الحد أو تاب غفر ذلك عنه اللعنة والإبعاد وعاد إليه ثواب العمل، ومثل النساء المحصنات الرجال الذين هم محصنون وهذا أمر متفق عليه، لا خلاف بين أحد من المسلمين أن قذف المحصن كقذف المحصنة في وجوب الحد. انتهى. ابن عطية: قذف الرجال داخل في حكم الآية بالمعنى وإجماع الأمة على ذلك، وهذا نحو نصه تعالى على لحم الخنزير ودخول شحمه وغضاريفه ونحو ذلك بالمعنى وبالإجماع. وحكى الزهراوي أن في المعنى الأنْفُسَ المحصنات فهي تعم بلفظها الرجال والنساء، وقول المتيطي: روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: (قذف المحصنات يحبط عمل مائة سنة)، وهذا عند غير واحد الخ، قال الرهوني: هذا الحديث لم أقف على من أخرجه ولم يذكره في الجامع الصغير، واحتجاج المتيطي به يدل على صحته أو حسنه، وقول المتيطي عن غير واحد من الموثقين: وعاد إليه ثواب العمل يدل على أنهم حملوه على ظاهره، وذلك لا يوافق مذهب أهل السنة أن السيئات لا تحبط الحسنات وإنما يحبطها الكفر، فالحديث إن ثبت مأول على أن المراد المبالغة في التحذير من ارتكاب ذلك والتشديد فيه حتى لا يقربه أحد كما في نظائره وظاهره غير مراد. واللَّه أعلم. انتهى.

وقد مر أن القذف من الكبائر الموبقات، ولعظمه أوجب اللَّه تعالى فيه الحد ولو نسب شخص غيره للكفر لم يحد، ويسمى القذف فرية من الافتراء وهو الكذب. ابن عرفة: القذف الأعم نسبة آدمي غيره لزنى أو قطع نسب مسلم والأخص لإيجاب الحد نسبة آدمي مكلف غيره حرا عفيفا مسلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015