باب: في القذف

باب: في القذف بقاف مفتوحة فذال معجمة ساكنة، وأصله الرمي بالحجارة ونحوها ثم استعمل مجازا في الرمي بالمكاره، فمن الأول قوله تعالى: {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا}، ومنه قيل للمنجنيق قذاف، وسماه اللَّه تعالى رميا فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}. المتيطي: حرم اللَّه أعراض المسلمين كما حرم دماءهم وأموالهم في كتابه وعلى لسان نبيه محمد صلى اللَّه عليه وسلم، ثم قال: فإذاية المسلمين في أعراضهم تنقسم قسمين: أحَدُهُما أن يذكر الرجل أخاه بما فيه مما يكره سماعه، فإن قال ذلك في مغيبه فهي الغيبة التي حرم اللَّه تعالى على عباده، حيث قال: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}. الآية. وليس في ذلك إلا الندم والاستغفار والتحلل من المغتاب، وأما إن قال ذلك في حضوره مواجهة له على جهة التنقيص له فهو البهتان، وفيه الأدب على حال القائل والمقول له بالاجتهاد. انتهى.

الرهوني: فيه أنه جعل موضع الغيبة والبهتان واحدا، وفرق بينهما بالغَيْبَةِ والمُوَاجَهَةِ وذلك خلاف ما هو مصرح به في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحة وأبو داوود وغيرهما من قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تمول فقد بهته) (?) , قال في المشارق: قوله بهته بفتح الباء والهاء وتخفيفها، وتشديدُها خطأ ومعناه: قلت فيه البهتان وهو الباطل، وقيل: قلت فيه من الباطل ما حيرته به، يقال بهت فلان فلانا فبهت إذا تحير في كذبه، وقيل بهته واجهه بما لم يفعل. وفي الحديث الآخر: (إن اليهود قوم بُهُتٌ) (?) بضم الباء والهاء وإن تسألهم عني بهتوني، وفي النهاية: البهت الكذب والافتراء، ومنه حديث ابن سلام رضي اللَّه عنه في ذكر اليهود: إنهم قوم بُهُتٌ، وهو جمع بَهُوت من أبنية المبالغة مثل صبور وصبُر ويسكن تخفيفا. وفي الصحاح: بهته بهتا وبهتا وبهتانا قال عليه ما لم يفعل, وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}. انتهى. المتيطي: وأما القسم الثاني وهو أن ينسب إليه الفاحشة الموجبة على فاعلها حد الزنى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015