إلى البلد الذي ينفى إليه عليه، فإن لم يكن له مال فإنها تكون على بيت المال، وكذا المحارب فإن لم يكن بيت المال أو لم يتوصل إليه فعلى المسلمين، وتجوز المؤلف في الأجرة أي أجرةُ الحمل والأكلُ والمشربُ والغطاءُ والوطاءُ والسجنُ. انتهى.
كفدك وخبير من المدينة يعني أن الزاني الحر الذكر يغرب كما عرفت، ولكن لا يكثر له في البعد ليلا يتعذر وصول منفعة ماله وأهله إليه، بل يكون كفدك من المدينة المنورة, أو كخبير من المدينة أي ينفى من المدينة إلى خبير أو من المدينة إلى فدك، وعلى ذلك يقاس غير المدينة فيغرب منه إلى مماثلهما بالنسبة للمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم، قال الخرشي: فدك قرية بينها وبين المدينة يومان, وقيل ثلاث مراحل وخبير قرية أيضا فينفى الزاني والمحارب إلى إحداهما، وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام نفى من المدينة إلى خيبر ونفى عليٌّ من الكوفة إلى البصرة. انتهى. وقال التتائي وغيره: وفدك بدال مهملة، ونفى عمر رضي اللَّه عنه لكل منهما, ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لخيبر، وعليٌّ من الكوفة للبصرة. انتهى.
قال مقيده عفا اللَّه تعالى عنه: قوله: "كفدك" الظاهر أنه ظرف أي غرب وسير به مسافة مثل مسافة فدك وخيبر من المدينة، وعلى هذا فالعامل فيه غرب لتضمنه معنى سير به, ويحتمل أنه نائب عن المصدر أي وغرب أي أبعد من بلده بعدا كبعد خيبر من المدينة. واللَّه تعالى أعلم. وقوله: "من المدينة" الظاهر أنه راجع للمضاف بعد الكاف؛ أي كبعد فدك وخيبر من المدينة. واللَّه تعالى أعلم. وإذا غرب الحر الذكر فإنه يسجن بموضع التغريب سنة، قال عبد الباقي: فيسجن بعد الجلد سنة من حين سجنه في البلد الذي ينفى إليه. انتهى ونحوه لغير واحد. وقال التتائي: وإذا غرب فيسجن بموضع التغريب سنة، قال ابن القاسم: وتحسب من يوم يسجن وظاهره أنه يخلى بعد العام وإن لم تظهر توبته وهو كذلك، وأما في الحرابة فإنه يسجن حتى تظهر توبته, وَفَرَّقَ عبد الحق بأن المحارب جاهر بفعله وعظم ضرره فاشترطت توبته بخلاف الزاني, وظاهره كابن الحاجب أن من لا يغرب لا يسجن فلا تسجن المرأة ولا الرقيق، وللخمي: إن تعذر تغريبها لم يسقط سجنها. انتهى. وقال المواق: قال مالك: وقد كان ينفى عندنا إلى فدك وخيبر، قال: ويسجن المحارب والزاني في الموضع الذي ينفيان إليه يسجن الزاني سنة. ابن