لضعف من قال بإلزام الواحدة في المبتوتة في مرة، أو إنما يحد في المفترقات وأما في مرة فلا، عالما كان أو جاهلا لقوة الخلاف في المبتوتة في المرة، هل هي واحدة أولا؟ في ذلك -ويأتي تحرير هذه المسألة في الرابع من التنبيهات الآتية قريبا- تأويلان قال البناني ظاهر كلام التوضيح وابن عبد السلام بل صريحه أن التأويلين ليسا على المدونة، وإنما هما على قول أصبغ، ثانيهما لعبد الحق والأول لغيره، وإنهما فيما إذا طلقها بلفظ الثلاث، وأما إن طلقها بلفظ البتة فصرح أصبغ بأنه لا حد عليه، وظاهر المدونة لزوم الحد كما في التوضيح والحطاب، وأما وقوع الثلاث في مرات فيحد بلا نزاع، واعترض مصطفى ما في التوضيح والحطاب بأن حكم البتة لا يؤخذ من كلام المدونة. انظر الحطاب ومصطفى. انتهى. قوله: ظاهر كلام التوضيح وابن عبد السلام بل صريحه أن التأويلين ليسا على المدونة لخ، قال الرهوني: أصله لمصطفى وقد سلمه جسوس والتاودي كما سلمه محمد بن الحسن البناني، مع أن كلام الحطاب لمن تأمله أدنى تأمل فيه الجواب عن المصنف.
وحاصله أن عبد الحق فهم كلام أصبغ على ذلك وفهم مع ذلك أنه مذهب المدونة فحملها على غير ظاهرها، وغيره فهم المدونة على ظاهرها فجعل مذهبها خلاف ما لأصبغ، فتعبير المصنف بالتأويلين جار على اصطلاحه، وعندي أن ما أفاده كلام الحطاب هو الذي يفيده كلام التوضيح لمن تأمله حق التأمل وأنصف لا ما نسبه له مصطفى ومن تبعه. وقوله: واعترض مصطفى ما في التوضيح والحطاب لخ، نص مصطفى: وفيه نظر لأنه لم يتكلم في المدونة على لفظ البتة إذا كانت منفردة عن الثلاث ولا يعلم حكمها إلا من قولها في كتاب الطلاق، وإن قال لها أنت طالق البتة فهي ثلاث وفيه بعد إذ لا يلزم من لزوم الثلاث فيها أن تكون كهي في جميع الأحكام، وقد قال ابن عرفة: الخلاف في البتات أشهر منه في لفظ الثلاث دفعة. انتهى. وقد سلمه جسوس والتاودي كما سلمه البناني ولم ينبهوا على ما في المواق عند قوله: "أو مبتوتة" ونصه من المدونة: من تزوج خامسة أو امرأة طلقها ثلاثا قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاعة أو النسب أو