يظهر حينئذ أن يقال أعْلَنَ بتكذيبه بأن يقول كذب أو نحو ذلك مما يفيد تنقيصا، فهذا هو محل قوله: "وأعلن بتكذيبه" والردة هي ما لم يُصرَّح فيه بتكذيبه، كأن يقول: هو كافر أو مشرك، أو يقول: لا بعث ولا جزاء ونحو ذلك مما يلزم منه التكذيب. واللَّه تعالى أعلم.

أو تنبأ يعني أن الإنسان إذا ادعى أنه نبي فإنه مرتد يستتاب ثلاثة أيام بلا جوع ولا عطش ولا معاقبة، فإن تاب وإلا قتل لأن من ادعى من هذه الأمة أنه نبي فقد كذَّب النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيما تواتر عنه وأخبر به القرآن واجتمعت عليه الأمة أنه صلى اللَّه عليه وسلم خاتم النبيئين، فالضمير في تنبأ عائد على الشخص المدعي للنبوءة وليس عائدا على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قال المواق: قال ابن القاسم في المسلم يعلن بتكذيب النبي صلى اللَّه عليه وسلم: إنه كالمرتد يستتاب، وكذلك قال فيمن تنبأ وزعم أنه أُوحِيَ إليه. وقاله سحنون. انتهى. وقال التتائي: "أو تنبأ" أي ادعى النبوءة وأنه يوحى إليه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل لتكذيبه القرآن والسنة، أما القرآن فلقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، وأما السنة فلقوله صلى اللَّه عليه وسلم: (لا نبي بعدي) (?) أي لا يُنبأ أحد بعده، وأما نزول عيسى بعده فإنما ينزل على أنه واحد من أمته ويحكم بشريعته لا بشريعته التي أرسل بها قبل نزوله. انتهى. ونحوه للشبراخيتي. وقال: فإن قلت هذا مستغنى عنه بقوله أولا: "أو ادعى شركا مع نبوءته عليه السلام" لأنه يشمل ادعاءه لنفسه أو لغيره، فالجواب أنه قد لا يدعي الشرك ويدعيها لنفسه فقط دونه. انتهى.

إلا أن يُسِرّ يعني أن الشخص إنما يستتاب في ادعائه النبوءة إذا أعلن ذلك، وأما إن ادعى النبوءة سرا فإنه زنديق يقتل من غير استتابة إلا أن يجيء تائبا قبل الظهور عليه، وفي النوادر أنه يقتل سواء أظهر ذلك أو أسره، والأول استظهره ابن رشد، ولهذا قال: على الأظهر فالاستثناء راجع للأخيرة فقط من حيث النسبة لابن رشد، وإن كانت التي قبلها كذلك من حيث الحكم. انظر شرح الشيخ عبد الباقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015