وكذلك نقل ابن المناصف عن مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وجماعة من أهل العلم أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله إذا أريد ظلمه، قال ابن المنذر: إلا السلطان إن لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان، فإنه لا يخرج للأخبار التي فيها الأمر بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم وترك قتالهم. انتهى.
وأما قوله: وهو صريح ما يأتي لابن عرفة عن سحنون، فأشار به إلى ما نقله عنه عند قوله: فللعدل قتالهم، من قوله: إلا أن يريد نفسك ومالك فادفعه عنهما الخ، فهو غفلة منه رحمه اللَّه لأن الضمير في قول سحنون فادفعه للظالم القائم على الإمام الظالم لا للإمام الظالم نفسه، وذلك ظاهر بأدنى تأمل. واللَّه الموفق. انتهى كارم الرهوني. قول الرهوني: ما استظهره البناني خلاف المنصوص، لم يستظهر البناني شيئا. واللَّه تعالى أعلم.
وقال المواق: وختم أبو المعالي كتاب اللمع بما نصه: فصل: شرائط الإمامة ثلاثة؛ أحدها أن يكون الإمام مستجمعا لشرائط الفتوى، الثاني أن يكون قرشي النسب، الثالث أن يكون ذا نجدة وكفاية في المعضلات ونزول الدواهي والملمات، فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة تلقاها الخلف عن السلف، وقال النووي: من شرائط الإمامة أن يكون الإمام مهتديا إلى مصالح الأمور وضبطها، ذا نجدة في تجهيز الجيوش وسد الثغور، وذا رأى مصيب في النظر للمسلمين، لا تروعه هداءة نفس وخور طبيعة عن ضرب الرقاب والتنكيل المستوجبين، ويجمع ما ذكرناه الكفاية وهي مشروطة إجماعا، قال: ومن شرائط الإمامة الورع والعدالة، وكيف يتصدى لها من ترد شهادته.
وقال ابن يونس: افترض اللَّه قتال الخوارج، ثم قال بعد كلام: وإن كانوا يظلمون الوالي الظالم فلا يجوز لك الدفع عنه ولا القيام عليه، ولا يسعك الوقوف عن العدل، كان هو القائم أو المقوم عليه. قال عياض: انحدر المأمون إلى محاربة بعض بلاد مصر، وقال للحارث بن مسكين: ما تقول في خروجنا؟ فقال: أخبرني ابن القاسم عن مالك، وسأله الرشيد عن قتال أهل دهلك، فقال: إن كانوا خرجوا عن ظلم السلطان فلا يحل قتالهم.
ومن تفسير القرطبي عند قوله سبحانه: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}: لا ينبغي للناس أن يتسارعوا إلى نصر مظهر للعدل، وإن كان الأول فاسقا لأن كل من طلب الملك يظهر من نفسه