رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد) (?)، وقد روينا عن جماعة من أهل العلم أنهم رأوا قتال اللصوص ودفعهم عن أنفسهم وأموالهم. هذا مذهب ابن عمر والحسن البصري وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والنعمان. قال أبو بكر: وبهذا يقول عوام أهل العلم: إن للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله إذا أريد ظلما للأخبار التي جاءت عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ولم يخص منها وقتا من وقت ولا حالا من الأحوال، إلا السلطان فإن جماعة أهل العلم كالمجتمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج عن السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه، للأخبار الواردة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالصبر على ما يكون منهم من الجور، وقد تقدم ذلك. انتهى.
وقال الحافظ بن حجر، قال ابن المنذر: والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع كما ذكر إذا أريد ظلما من غير تفصيل، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره وترك القيام عليه. انتهى.
وقال المواق في سنن المهتدين: قال ابن العربي في سراجه في حديث (الدين النصيحة): أما النصح لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فمن أوجه منها تعظيمه وطاعته والرضى بحكمه، وأما النصح للسلطان فهو نائب عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تسليما يجب له ما يجب لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من التعظيم والحرمة والطاعة، ويزيد على النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا بحرمة زائدة بل لعلة حادثة، بوجوه منها: الصبر على أذاه ويدعو له عند فساده بصلاحه، ويُنَبَّهُ إذا غفل.
وقال الطرطوشي في سراجه: يعطى السلطان ما طلب من الظلم ولا ينازع في ذلك، وقال أبو عمر في تمهيده: ذهبت طائفة من المعتزلة وعامة الخوارج إلى منازعته في ذلك، قال: وأما أهل الحق وهم أهل السنة والأثر فقالوا: الصبر على طاعته أولى وأوجب وأحرى، قال عياض: وأحاديث مسلم كلها حجة على ذلك، لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: (أطعهم وإن أخذوا مالك وضربوا ظهرك) (?)،