الولد بشاهد واحد، فإن ورثته يحلفون معه يمينا ويستحقون الغرة، وإن استهل صارخا ففيه القسامة لأن الشاهد لوث، وقول المرأة ليس لوثا في حق ولدها. واللَّه أعلم. انتهى.
وإن نكل برئ الجارح إن حلف يعني أنه إذا لم يحلف مقيم الشاهد في المسائل الأربع فإنه يحلف الجارح ومن معه وهو المدعى عليه بقتل الكافر أو العبد أو الجنين ويبرء، فالضمير المستتر في "نكل" للمقيم الشاهد، والضمير في حلف يعود على الجارح، وقد علمت أن مثل الجارح غيره ممن ذكر معه، وإنما خص المصنف الجارح مع أن المدعى عليه بقتل الكافر أو العبد أو الجنين كذلك لأجل قوله: وإلا يحلف الجارح حبس حتى يحلف، وقيل إن طال حبسة عوقب وأطلق إلا أن يكون متمردا فيخلد في الحبس، وأما غير الجارح فيغرم إن لم يحلف ولا يحبس.
قال عبد الباقي: وإن نكل عن اليمين مع إقامة الشاهد برئ الجارح وغيره ممن ذكر معه، إن حلف وإلا يحلف غرم في الصور كلها من غير حبس سنة ولا ضرب مائة كما هو مقتضى كلامهم، ما عدا جرح العمد فإنه يحبس فيه، كما قال: "حبس" حتى يحلف أو يطول سجنه فيعاقب ويخلى سبيله. إلا أن يكون متمردا فيخلد في السجن. انتهى.
وقال المواق من المدونة: من أقام شاهدا على جرح عمدا فليحلف ويقتص، فإن نكل الجارح أحلف وبرئ: فإن نكل حبس حتى يحلف. الجلاب: وإن طال الحبس أطلق. انتهى. وقال التتائي: وإن نكل وردت اليمين الواحدة على المدعى عليه برئ الجارح ومن معه إن حلف. انتهى المراد منه.
والحاصل أن مقيم الشاهد إن حلف استحق ما ادعاه في الجميع، وإن نكل حلف المدعى عليه وبرئ في الجميع، فإن نكل غرم في الجميع، إلا في جرح العمد فإنه يحبس حتى يحلف أو يطول سجنه فيعاقب ويخلى سبيله. قاله الشبراخيتي والخرشي. وهو صريح في أن الجارح إن نكل ونكل المدعى عليه لا غرم عليه، وإنما عليه الحبس، وقد مر عن الحطاب أنه يحبس حتى يحلف، وقال عبد الباقي والشبراخيتي: يحبس حتى يطول سجنه فيعاقب ويخلى سبيله. قال عبد الباقي والخرشي: إلا أن يكون متمردا عن الأحكام فيخلد في السجن. واللَّه تعالى أعلم.