فيها أي في المسامتة من غير تردد، وإلا يكن المصلي بمكة ولا بما ألحق بها، فقال الأبهري: الواجب عليه استقبال جهتها بحسب اجتهاده، فيجتهد في جهتها، ويستقبل الجهة التي أداه اجتهاده إلى أنها هي جهة القبلة، خلافا لابن القصار القائل: إنه يجتهد في مسامتة عينها، أي يقدر أنها بمرآه. واستظهر ابن رشد قول الأبهري، وإلى استظهاره أشار المصنف بقوله: فالأظهر جهتها. أي عين الكعبة: وقوله: اجتهادا أعربه بعضهم بأنه تمييز محول عن الخبر، أي فالأظهر الاجتهاد في الجهة. وقال أحمد: الأحسن كونه منصوبا بنزع الخافض، أي بالاجتهاد، وأعرب أيضا بأنه مفعول مطلق؛ أي يجتهد اجتهادا. وذكر أبو طالب المكي هنا نكتة أنه يشدد على من في الحضرة ما لا يشدد على المحجوب. قاله الشيخ الأمير. قال ابن غازي: ظاهر المصنف أن الاستظهار لابن رشد، ولم أجده له لا في المقدمات ولا في البيان، وإنما وجدته لابن عبد السلام؛ وهو ظاهر كلام غير واحد: وأجاب التتائي بأن ابن رشد في المقدمات اقتصر عليه، ففهم المصنف من ذلك أنه الراجح عنده. وفي الخرشي أن الاستظهار وقع لابن رشد في قواعده الكبرى. قال الشيخ عبد الباقي: وينبني على القولين؛ يعني قول الأبهري الذي هو المذهب، ومقابله الذي هو قول ابن القصار: لو اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يعيد في الوقت ندبا، وعلى مقابله يعيد أبدا، كما هو مذهب الشافعي. انتهى. وقال الشيخ محمد بن الحسن: ولا تظهر لهذا الخلاف ثمرة كما صرح به المازري، وما في عبد الباقي تبعا لغيره غير صواب؛ لأنها قبلة اجتهاد على كلا القولين، والأبدية إنما هي في الخطإ في قبلة القطع، وكأنهم أخذوا ذلك مما في التوضيح عن عز الدين، وهو مذهب شافعي. انتهى

والحاصل أنه اختلف فيمن بغير مكة ونحوها، هل الواجب عليه الاجتهاد أو الإصابة؟ وعلى أن الواجب الاجتهاد، فقيل: هل الاجتهاد في الجهة أو في السمت؟ وعلى كليهما فإن اجتهد وأخطأ صحت صلاته وعلى أنه لا بد من الإصابة، فقيل: لابد من إصابة السمت، وقيل: تكفي إصابة الجهة، وعلى كليهما: فإن أخطأ بطلت صلاته ونظمت هذا الحاصل فقلت:

جرى خلاف عن ذوي الإنابه ... هل يجب اجتهاد أو إصابه؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015