فتنقطع حجته بين يدي علام الغيوب، ويبهت ولا يجد جوابا، وإذا كان هذا حاله في الفضول، فكيف في المعاصي. نسأل الله العفو والعافية.

واعلم أن في الحديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (?)).

وفيه: (من علم آية من كتاب الله أو بابا من العلم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة (?)): قال العلماء في بيان كون العلم لا ينقطع بالموت: إنه إذا علم العالم شخصا، فعمل المتعلم بعد موت العالم بما علمه. يكتب له أجر تسببه، وهكذا في كل من عمل به إلى يوم القيامة، وإذا علم المتعلم آخر حصل للشيخ أجران؛ لأنه تسبب لتلميذه وتلميذ تلميذه في حصول الأجر لهما، فإذا علم التلميذ الثاني ثالثا حصل للشيخ الأول أربعة أجور زيادة على ما مر، لأنه تسبب للتلميذ الأول في أجرين ولكل من الثاني والثالث في الأجر، فإذا علم الثالث رابعا حصل للشيخ الأول ثمانية أجور فإذا علم الرابع خامسا فللأول ستة عشر، وفي السادس اثنان وثلاثون، وفي السابع أربع وستون. وفي الثامن ثمانية وعشرون ومائة، وفي التاسع ست وخمسون ومائتان، وفي العاشر اثنا عشر وخمس مائة. فإن ضممت ما في العاشر إلى ما قبله كان ثلاثة وعشرين وألفا - والحسنة بعشر أمثالها - فيكون ذلك ثلاثين ومائتين وعشرة آلاف.

وهكذا يتضاعف له الأجر في كل مرتبة إلى منتهى السلسلة، وهذا في نفس تعليم مسألة واحدة لمتعلم واحد، فإذا تعدد التعليم والمتعلمون في كل طبقة تضاعفت الأجور بقدر ذلك، وتتضاعف بحسب تعدد العمل بذلك وفي الحديث: (من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل (?))، فتتناهى إلى غاية لا يعلمها إلا واهب ذلك،

فالحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده:

والمرء في ميزانه أتباعه ... فاقدر إذا قدر النبي محمد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015