وقال عبد الباقي: "وليس منه وجوده بقرية قوم أو دارهم" ما نصه: لأنه لو أخذ بذلك لم يشأ أحد أن يلطخ قوما بذلك إلا فعل، ولأن الغالب أن من قتله لا يدعه في مكان يتهم هو به، وليس الموت في الزحمة لوثا يوجب قسامة بل هو هدر، وعند الشافعي: تجب فيه القسامة والدية على جميع الناس بذلك الموضع. انظر الشارح. انتهى. وقال التتائي: وليس منه أي اللوث عند مالك وجماعة من أهل الحجاز وجوده أي المقتول مطرحا بقرية قوم أو دارهم؛ لأن الغالب أن من قتله لا يتركه بموضع يتهم هو به، وذهب جماعة من أهل العراق إلى أنه لوث. ابن رشد: إلا في مثل قضية عبد اللَّه بن سهل فلا ينبغي أن يختلف فيها. انتهى.
ولو شُهِدَ أنه قتل ودخل في جماعة استحلف كل خمسين يعني أنه لو شهد عدلان على شخص أنه قتل آخر ودخل القاتل في جماعة ولم يعرف من جملتهم، فإنه يلزم كل واحد منهم أن يحلف خمسين يمينا؛ لأن يمين الدم لا تكون إلا خمسين يمينا، ولأن التهمة تتناول كل شخص بانفراده إذ القاتل واحد، فيحتمل كل أنه هو، وإذا حلفوا كلهم فالدية عليهم أي على الجماعة الذين دخل فيهم في أموالهم، بلا قسامة على أولياء المقتول، فكان الغرم على جميعهم للقطع بكذب أحدهم وهو غير معين، وكذا الحكم لو نكلوا كلهم فالدية عليهم بلا قسامة على أولياء المقتول: أو حلف بعض ونكل بعض فالدية كاملة على من نكل بلا قسامة على أولياء المقتول.
قال عبد الباقي: وفهم من قوله: "والدية عليهم" أن القتل عمدا، فإن كان خطأ فالدية على عواقلهم إن حلفوا أو نكلوا، فإن حلف بعض فالدية على عاقلة من نكل. هذا هو الظاهر؛ وفي أحمد: وينبغي أن تكون الدية على عاقلة الجميع من غير يمين. انتهى. قوله: هذا هو الظاهر وفي أحمد: وينبغي الخ، قال الرهوني: قال شيخنا الجنوي: فيه نظر، والذي يظهر أن الجميع مطالب باليمين المدعى عليهم بالقتل خطأ وعواقلهم لا المدعى عليهم فقط. انتهى. وما قاله ظاهر إن كان المدعى عليهم أغنياء بحيث يلزمهم العقل وإلا فالمطالب باليمين العواقل فقط، ولا خفاء أن المدعى عليهم يحلفون على البت، وأما العواقل إذا قلنا تجب عليهم اليمين فإنما يحلفون على نفي العلم. واللَّه أعلم. انتهى كلام الرهوني. وقال الشبراخيتي: ولو شهد على شخص أنه قتل ودخل في جماعة محصورين، وإلا فهدر لاحتمال أن يكون القاتل فيمن هرب. انتهى.