الصوت عند رأس إسماعيل، ثم بدا لها جبريل فانطلق بها حتى وقف على موضع زمزم، فضرب بعقبه مكان البير، فظهر الماء فوق الأرض حين فحص بعقبه، وفارت بالرِّوَى، فجعلت أم إسماعيل تحظر الماء بالتراب خشية أن يفوتها قبل أن تأتي بشنتها، فاستقت، وبادرت إلى ابنها فسقته، وشربت فجعل ثدياها يتفطران (?) لبنا، فكان ذلك الماء طعاما وشرابا لإسماعيل، وكانت تجتزئ بماء زمزم، فقال لها الملك لا تخافي أن ينفد هذا الماء، وأبشري فإن ابنك سيشب ويأتي أبوه من الشام فيبنون هنا بيتا تأتيه عباد الله من أقطار الأرض مُلَبِّين لله جل ثناؤه شعثا غبرا، فيطوفون به ويكون هذا الماء شرابا لضيفان الله عز وجل الذين يزورون بيته، فقالت: بشرك الله بخير، وطابت نفسها وحمدت الله عز وجل. ولما بلغ إسماعيل ثلاثين سنة وإبراهيم يومئذ ابن مائة سنة، أوحى الله جل ثناؤه إلى إبراهيم: أن ابن لي بيتا، فقال إبراهيم: أي رب أين أبنيه؟ فأوحى الله إليه أن اتبع السكينة، وهي ريح لها وجه وجناحان، ومع إبراهيم الملك والصرد فانتهوا بإبراهيم إلى مكة، فنزل إسماعيل إلى الموضع الذي بوأه الله عز وجل إبراهيم، وموضع البيت ربوة حمراء مدرة مشرفة على ما حولها، فحفر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وليس معهما غيرهما أساس البيت، يريدان أساس آدم الأول فحفرا عن ربض البيت، يعني حوله، فوجدا صخرة لا يطيقها إلا ثلاثون رجلا، وحفرا حتى بلغا أساس آدم، ثم بنى عليه وحلقت (?) السكينة كأنها سحابة على موضع البيت، فقالت: ابن علي، فلذلك لا يطوف بالبيت أحد أبدا كافر ولا جبار إلا ريئت عليه السكينة، فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت فجعلا طوله في السماء: تسعة أذرع، وعرضه في الأرض: ثلاثين ذراعا، وطوله في الأرض: اثنين وعشرين ذراعا، وأدخل الحِجْرُ في البيت، وكان قبل ذلك زربا لغنم إسماعيل، وإنما بناه بحجارة بعضها على بعض، ولم يجعل له سقفا، وجعل له بابا، وحفر له بيرا عند بابه خزانة للبيت، يلقى فيها ما أهدي للبيت، وجعل الركن علما للناس، فذهب إسماعيل إلى الوادي يطلب حجرا، ونزل جبريل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015