يمينا، فكيف مع قيام اللوث من غير معارض يضعفه؟ ومسألة المصنف هذه مسلمة حتى عند ابن عرفة والبرزلي وابن هلال، ونقل الشيخ أبو محمد في نوادره عن ابن حبيب عن أصبغ وساقه فقها مسلما كأنه المذهب، إذا (?) ادعى على نفر فأخذ أحدهم فسجن وتغيب الباقون فاصطلح الأولياء مع المسجون ولم يقسموا أنه يضرب مائة ويسجن سنة، فهذا نص صريح في أن الموجب للضرب والسجن هو اللوث لا ثبوت القتل، وقد نقله المصنف في التوضيح وابن عرفة فقها مسلما، ويأتي لفظ ابن عرفة عند قوله: "من واحد يعين لها" وهو نص صريح أيضا في خصوص مسألة الصلح التي أفتى فيها ابن عرفة بسقوطهما، وسلم له ذلك البرزلي وابن هلال. والكمال للَّه تعالى.
ونقل ابن يونس عن كتاب ابن حبيب عن أصبغ وساقه فقها مسلما ولم يحك فيه خلافا، قال أصبغ فيمن قَرَّبَت إليه امرأته طعاما فأكله فتقيَّأ أمعاءه مكانه، فلما أيقن بالموت من ساعته أشهد أن به امرأته وخالتها فلانة، ثم مات فأقرت امرأته أن ذلك الطعام إنما أتتها به خالتها هذه: ففي ذلك القسامة. وقوله: امرأته وخالتها يكفي، وإن لم يقل منه أموت كما يكتفى بذلك في الجرح وضربة السيف والعصا، وإن لم يقل منهما أموت، فإذا ثبت قول الذي تقيأ أمعاءه بشاهدين فليقسم ولاته على إحدى المرأتين وتقتل، ولا ينفع المرأة قولها: خالتي أتتني به، وتضرب الأخرى مائة وتحبس عاما. انتهى. انتهى.
ثم قال الرهوني: ومنها -يعني من المسائل التي تدل على أن الموجب للضرب والحبس ثُبوت اللوث لا ثبوت القتل- مسألةُ من دمى على شخص ثم على آخر ولم يكن أبرأ غير الأول على أحد قولي أصبغ أن للأولياء أن يقسموا على أحدهما فيقتل ويضرب الآخر مائة ويسجن سنة، ودلالة هذه على ما قلناه أحروية؛ لأن اللوث الذي أوجب فيها ما ذكر ضعيف لبطلانه عند ابن القاسم وأشهب وأصبغ في قوله الآخرِ، وهو مختار ابن حبيب كما ستراه عند قوله الآتي قريبا: "أو مَسْخُوطا على ورع". انتهى ما نقله الرهوني.