والسجن ولم يخالف فيه إلا ابن عبد الحكم، فإنه قال: إذا نكلوا فلا جلد ولا سجن وجمهورهم على تعميم هذا الحكم في كل مقتول ولو كان مجوسيا. وروى ابن حبيب عن مالك -واختاره-: إنما ذلك في المسلم عبدا كان أو حرا، وأما غير المسلم فإنه يجب به الأدب المؤلم. انتهى.
وفهم من المصنف أنه لو حصل لطخ لا يوجب القسامة أنه لا يجري فيه هذا الحكم، أعني قوله: "وعليه مطلقا جلد مائة ثم حبس سنة" وهو كذلك خلافا لأشهب، قال في التوضيح: واختلف في اللطخ فأوجب فيه أشهب ضرب مائة وسجن سنة. وفي الواضحة عن مالك: إذا وقعت التهمة على أحد ولم يتحقق ما تجب به القسامة ولا قتلٌ، فإن ذلك لا يجب به جلد ولا سجن سنة. انتهى. وفي التتائي: لا يجب هذا الحكم في حقه ويطال سجنه السنين عند مالك، وقال أشهب: يجلد مائة ويحبس سنة. انتهى. واللَّه تعالى أعلم.
تنبيه: في الدر النثير: وسئل رحمه اللَّه عن رجل دمي على رجل ومات فترك أخا وأختا فعفوا وتأخر الضرب والحبس، فإن بعض الطلبة قال: لا يضرب لأن الدم لم يثبت بَعْدُ، وَرَأيت أبا الوليد حكى الاتفاق فيما إذا وجب اللوث بعدل وعفا الأولياء قبل القسامة أن يضرب مائة ويحبس عاماة الجواب: حكم دم العمد يبطل بعفو ولاته أو بعضهم قبل القسامة، وقد وجبت بلوث أن على المدعى عليه القتلُ ضربَ مائة وسجن عام. قاله غير واحد. وحكى عليه ابن رشد الاتفاق كما ذكرتم. انتهى. وأفتى ابن الحاج بسقوط الجلد والسجن في هذه، ووافقه البرزلي تبعا لابن عرفة وابن هلال: قال الرهوني: ما قاله ابن رشد منصوص للمتقدمين والمتأخرين مصرح به في غير ما كتاب، وجلب على ذلك من النقول مالا مزيد عليه، ثم قال بعد جلب كثير من النقول ما نصه: وإنما أطلت بجلب هذه المنصوص كلها لانتصار البرزلي وابن هلال لابن الحاج مع غفلتهما عنها، فيتأكد أن ينشد هنا البيت الشهير:
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
والعلم كله للَّه العلي الكبير. الرهوني: ومسألة المصنف هذه صريحة فيما قاله ابن رشد إذ لم يثبت فيها القتل، وإنما ثبت فيها اللوث مع ضعفه بنكول الأولياء وحلف المدعى عليه خمسين