ولعجزها أي وإن لم يقدر على عتق رقبة، فإنه يلزمه شهران أي صومهما حال كون الرقبة، والشهرين كالظهار في اشتراط إسلامها وسلامتها من العيوب وخلوها من شوائب الحرية وتتابع الصوم وغيره مما يصححة ويبطله، كما أشار له هناك بقوله: "سليمة من قطع أصبع وعمى وبكم وجنون وإن قل ومرض مشرف" الخ، ثم قال: صوم شهرين بالهلال منويي التتابع والكفارة، وتمم الأول إن انكسر من الثالث، ويؤخر صيام العاجز لطاقته والصبي لبلوغه والمجنون لإفاقته. وقوله: "ولعجزها شهران" مبتدأ وخبر. وقوله: "ولعجزها" أصله وللعجز عنها فحذف الجار ووصل الضمير بالمصدر. قوله: "وعلى القاتل الحر المسلم" الخ، قال البناني عنده: ما تقدم من دية أو قصاص هو حق الآدمي وما هنا حق اللَّه في ذلك، وإنما وجبت الكفارة في الخطإ دون العمد مع أن مقتضى الظاهر العكس لخطر الدماء، ولأن مع المخطئ تفريطا؛ إذ لو تحرز واحتاط لترك الفعل الذي تسبب عنه القتل من أصله، ولأنهم رأوا أن العامد لا تكفيه الكفارة لجنايته؛ لأنها أعظم من أن تكفر كما قالوا في اليمين الغموس، وأيضا فقد أوجبوا عليه ضرب مائة وحبس سنة. انتهى.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: العلتان الأوليان راجعتان لوجوب الكفارة في الخطإ، وقوله: ولأنهم رأوا أن العامد لا تكفيه الخ، راجع لقوله: دون العمد، فهو لف ونشر مرتب؛ أي لزم في الخطإ لما ذكر، ولم تلزم في العمد لما ذكر. واللَّه تعالى أعلم. وقد مر أن محترز قول المصنف: "الحر"، العبدُ وعلل بأن العبد لا يصح عتقه إذلا ولاء له.
قال البناني: نحوه في التوضيح، واعْتُرِضَ بأن هذه العلة قاصرة لا تفيد إسقاط الصيام عنه، وقد اعترضه ابن مرزوق بأمور منها هذا، ومنها أن الآية عامة في الرقيق وغيره، ومنها أنهم قالوا بالصيام في نظيره وهو الظهار. انتهى. وبحث معه في هذا الثالث بأن الظهار معصية ولا مندوحة عن كفارتها ونحوه. قال الشيخ المسناوي: ونصه: لا يخْفَى اتجاه كلام ابن مرزوق، غير أنه قد يقال إن طلب الكفارة في الظهار ليس كطلبها في قتل الخطإ؛ إذ لا يخرج من الظهار بدونها مع كون الظهار معصية فمرتكبه آثم فتأكد أمرها فيه حتى في العبد، فأمر بما يمكنه منها وهو الصوم، بخلاف القتل فإنها فيه تابعة للدية مع كون المخطئ غير آثم، فسقطت عن العبد لتعذر أحد