كانت عاقلة القاتل بعضها حضري وبعضها بدوي وكان ساكنا مع أحدهما فإنه لا يضم بعضها إلى بعض، وتكون الدية على من هو معهم ولا شامي مع مصري، وعكسه إذا كان ساكنا مع أحدهما، ولا دخول لِعَسْكر شامي مع عسكر مصري، ظاهره ولو جمعتهم مملكة كمملكة بني عثمان وهو كذلك مطلقا يحتمل سواء قربوا من الجاني أو بعدوا، وسواء كانوا أقرب من الآخرين أو عكسه، فإذا كان الجاني من أهل الحاضرة فلا يعقل عنه أهل البادية ولو كانوا أقرب من أهل الحاضرة، ويحتمل سواء اتحد ما يؤخذ منهما أو اختلف، وفسر البساطي الإطلاق بما إذا قربوا أو بعدوا سواء اتحد ما يؤخذ منهما أو اختلف.
تنبيه: قد مر أن من لا عاقلة له يعقل عنه المسلمون حيث قال المصنف: "ثم بيت المال". انظره هناك، وهنا قال: إن القاتل لا تعقل عنه عصبته إذا كانوا ليسوا من قطره، فمن يعقل عن الشامي الذي عصبته بمصر؛ يؤخذ من هذا -واللَّه تعالى أعلم- أنه يعقل عنه المسلمون. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه. وقوله: "ولا دخول لبدوي مع حضري ولا شامي مع مصري" هو كالتقييد، لقوله: "وبدئ بها الأقرب فالأقرب" أي محل ذلك حيث كانوا مع الجاني في قطر واحد، فأما إن كان كل بقطر كشامي ومصري أو هو حضري وهم بدويون أو بالعكس فإنه لا يدخل الأقرب، بل يعقل من معه من عاقلته. واللَّه تعالى أعلم.
ولما قدم أن الدية تنجم، ذكر مدة التنجيم وصفته فقال: الكاملة في ثلاث سنين يعني أن الدية الكاملة تنجم في ثلاث سنين، سواء كانت في نفس أو طرف، كقطع يدين أو رجلين أو ذهاب عقل أو سمع أو بصر أو نحو ذلك، لكل سنة ثلث من الدية يحل ثلث بآخر السنة الأولى، ثم يحل ثلث بآخر السنة الثانية، ثم يحل الأخير بآخر السنة الثالثة، وإلى هذا أشار بقوله: تحل أي النجوم بأواخرها أي أواخر السنين، فكل نجم يحل بآخر سنة، وكلامه ظاهر في إفادة هذا المعنى لتعبيره بأواخر دون آخر، ويحتمل أن الضمير في تحل يعود على الكاملة أي تحل أجزاؤها. قاله الشبراخيتي.