وإنما كان في عين الأعور الدية كاملة لأجل ما ورد في ذلك من السنة لقول ابن شهاب: هي السنة وبه قضى عمر وعثمان وغيرهما لا لانتقال البصر إليها لأنه خلاف مذهب أهل السنة؛ لأن البصر عرض والعرض لا ينتقل. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: أو عين الأعور فيها دية كاملة للسنة، به قضى عمر وعثمان وعلي وابن عباس، وقاله ابن المسيب وسليمان بن يسار. وقال ابن شهاب: بذلك مضت السنة كما نقله عنه ابن المواز على ما حكى في النوادر ابنُ عبد السلام: ظاهر السنة مع المخالف، لما في كتاب عمرو بن حزم أي لعمومه؛ إذ لم يخص عين صحيح ولا أعور لكن ابن شهاب أعلم بالسنة. انتهى. وقال المواق: قال ابن شأس: في إحدى العينين إذا فقئت نصف الدية وفي عين الأعور الدية كاملة، ومن المدونة: ليس الدية في شيء واحد مما هو زوج في الإنسان مثل اليدين والرجلين إلا في عين الأعور فقط، لما جاء فيه من السنة، وإنما في كل واحد من ذلك نصف الدية. انتهى.
بخلاف كل زوج يعني أن كل زوج في الإنسان غير العينين حكم الباقي منه ليس كحكم عين الأعور، فإن الواجب في إذهاب الباقي من أحدهما نصفه أي نصف ما في الزوج ولو خلق كذلك، قال الشبراخيتي: بخلاف كل زوج في البدن كاليدين والرجلين مما فيه جمال ومنفعة، وأما ما فيه جمال دون منفعة كالحاجبين والهدبين فليس فيه إلا حكومة، فإن في ذهاب الباقي من أحدهما نصفه أي نصف ما في الزوج ولو خلق كذلك وهو مخرج من عين الأعور. انتهى.
وقال عبد الباقي: وأخرج من قوله: "أو عين الأعور" قوله: "بخلاف كل زوج" فإن في أحدهما نصفه أي نصف الواجب في الزوج أي نصف ديته؛ إذا لم يكن له إلا يد أو رجل واحدة جُني عليها. انتهى. والحاصل أن كل زوج فيه الدية كاملة كاليدين والرجلين والأنثيين والأذنين على إحدى الروايتين في قطع الباقي منه نصف الواجب فيه أي في الزوج، وأحرى الأول منه. وأما العينان ففي الأولى منهما نصف الدية وفي الباقية منهما دية كاملة، فقوله: "في أحدهما" أي الواجب في أحدهما الباقي إنما هو نصف الواجب في الزوج وأحرى الأول منهما.
قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه عنه: الضمير في "أحدهما" عائد على المزدوجين وهما الزوج، وقد علمت أن المراد بأحدهما الباقي، وأما الأول فمن باب أحرى لأن ذلك حتى في العينين اللتين إذا