فيه وهو مثل ما يحصل من ضم ما نقصته الجناية من قيمته سليما إلى جميع قيمته سليما؛ بأن يقوم بعد البرء تقويمتين سليما ومعيبا، وذلك الذي نقصته الجناية إن أذهبته أي نسبته إلى قيمته سليما ترجع بمثله من الدية، فإن كان خمسا للقيمة السليمة رجعت بخمس الدية، وإن كان سدسا فسدس وهكذا. واللَّه تعالى أعلم. وقوله: "من قيمته" قرره غير واحد بمعنى تقويم، والصواب عندي -واللَّه تعالى أعلم- أن قوله: "إذا برئ" متعلق بما دل عليه قيمة من التقويم، لا أنه متعلق بقيمته. واللَّه تعالى أعلم. وفيما فيه الحكومة الأدب في العمد، وفهم من المصنف أنه إذا لم ينقص فلا شيء فيه إلا الأدب في العمد.
كجنين البهيمة يعني أن من فعل ببهيمة فعلا أسقط به جنينها يلزمه ما نقصها، فإذا قومت حاملا بعشرة وبعد طرح الجنين بخمسة غرم نصف قيمتها ولا يدفع قيمة الجنين، قال الشبراخيتي: وهذا إذا نزل ميتا، فإن نزل حيا ثم مات فعليه ما نقصها مع قيمته، ثم إنها حيث قومت فإنما تقوم بعد البرء. انتهى. وقال الخرشي: يعني أن البهيمة إذا ضرب شخص بطنها مثلا فألقت جنينها فنقصت بسببه فإنها تقوم سالمة ومعيبة ويكون فيها ما نقص من قيمتها سليمة، فالتشبيه في قوله: "حكومة" سواء ألقت الجنين حيا أو ميتا، لكن إن نزل ميتا فلا شيء فيه، وإن نزل حيا فعليه قيمته مع نقص الأم. انتهى.
تنبيهات: الأول: اعلم أن الذي استحسنه ابن عرفة القول بأن على الجاني أجرة الطبيب وثمن الدواء سواء برئ على شين أم لا مع الحكومة في الأول، وأما ما فيه شيء مقدر فليس فيه دواء، ولو بريء على شين سوى موضحة الوجه والرأس ففيه أجر الطبيب وثمن الدواء، وقوله: "كجنين البهيمة" قال عبد الباقي: تشبيه في قوله: "حكومة" فعليه دفع ما نقصته الجناية، وهل يراعي في تقويمها كونها تحلب عليه؟ وعلى صورة عجل كما في صورة من استهلك عجل بقرة أم لا يراعي ذلك. انتهى.
الثاني: قال الحطاب: قال في المسائل الملقوطة: لما ذكر المسائل التي انفرد بها مالك ولم يتابعه عليها أحد من فقهاء الأمصار، قال: من ضرب بطن بهيمة فألقت جنينا ميتا فعليه عشر دية