برهان لمن تعدى على زاوية أو روضة فذلك أمر خارج عن الفتوى وغيرة من اللَّه تعالى على أوليائه لا تحد بقياس ولا تنضبط بميزان شرعي ولا قانون عادي، فإن الموازين الشرعية كليات وعمومات، وقد يكون مراد الحق تعالى في خصوص نازلة خلاف ما تقتضيه العمومات، ولذلك الخواص يفتقرون إلى إذن خاص في كل نازلة نازلة؛ واعتبر بتكرير قوله تعالى: {بِإِذْنِي} فيما يخبر به عن عيسى بن مريم عليه السلام من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وغير ذلك. انتهى.
وقال المواق: سمع القرينان: تقام الحدود في الحرم ويقتل بقتل النفس في الحرم. ابن رشد: مثله لابن القاسم ولا خلاف فيه بين فقهاء الأمصار. ابن عرفة: هذا خلاف ما نقل عبد الوهاب وغيره عن أبي حنيفة: إن قتل في الحرم قتل فيه وإن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم لم يقتل ولم يخرج منه، ولكن يهجر ولا يبايع ولا يؤوى حتى يضطر للخروج فيقتل. انتهى.
وسقط إن عفا رجل كالباقي يعني أن المستحقين للدم إذا كانوا رجالا في درجة واحدة، كأعمام أو إخوة أو بنين أو نحو ذلك فعفا أحدهم فإن القتل يسقط بعفوه، فقوله: "كالباقي" نعت لرجل أي مساو للباقي في الدرجة، ومفهوم "كالباقي" أنه لو كان أعلى منه سقط القتل من باب أولى، ولو كان غيره أقرب منه فإنه لا عبرة بعفوه كما لو عفا عم مع وجود ابن أو أخ، والضمير في سقط للقصاص المفهوم من قوله: ويقتص من يعرف، ويحتمل رجوعه للاستيفاء المتقدم في قوله: "والاستيفاء للعاصب"، واحترز بقوله: "رجل" عن امرأة فإنه يأتي الكلام عليها قريبا إن شاء اللَّه تعالى. انظر الخرشي. ونحوه لعبد الباقي، وفيه: وشمل قوله "كالباقي" الجد حيث كان يرث الثلث مع الأخوين، فإن ورث أنقص منه لم يعتبر عفوه. انتهى. وقوله: فإن ورث أنقص منه لم يعتبر عفوه، قال البناني: إنما يرث الجد أنقص من الثلث إذا كان معه ذو فرض ويأتي في المواريث أن له حينئذ الخير من السدس وثلث الباقي والمقاسمة، ومسألة المعادة يكون كواحد منهم أو أعلى وإن كان بعضهم يسقط بعضا، وعلى كل حال لا يكون أنزل من الأخ بل هو دائما إما مساو للواحد من الإخوة أو أعلى منه، وحينئذ فلم يظهر وجه لما ذكره من أن عفوه لا يعتبر