الحرم أي المسجد الحرام وأولى المحدود، ويعني به المحدود في باب الحج وهو ما لا يصاد منه، ويخرج من المسجد الحرام ليقام عليه الحد ولو كان محرما بحج أو عمرة ولا ينتظر تمامه، ونبه على خلاف قول أبي حنيفة: إن الجاني إذا دخل الحرم يضيق عليه حتى يخرج لا أنه يخرج منه، فإن جنى فيه اقتص منه فيه إجماعا حكاه ابن الجوزي. انتهى. يعني بذلك غير المسجد فإنه يقام عليه الحد فيه، وقال البناني: قال عياض في الإكمال في شرح قوله صلى اللَّه عليه وسلم: (خمس فواسق لا جناح على من قتلهن في الحرم) (?). قاس مالك والشافعي على قتلها في الحرم إقامة الحد فيه سواء فعل السبب فيه أو خارجه ولجأ فيه وقال الحنفية يقام فيه من الحدود ما دون النفس وكذا حد النفس إذا جني عليها فيه، وإن قتلها خارجه لم يقم فيه وضيق عليه بأن لا يكلم ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر فيخرج منه فيقام عليه الحد خارجه، ونحوه عن عطاء وابن عباس إلا أنهما لم يفرقا بين نفس وغيرها محتجين بقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، والحجة عليهم أن من ضيق عليه هذا التضييق ليس بآمن والآية عندنا محمولة على ما كان قبل الإسلام وعطف على ما قبلها من الآيات، وقيل من النار وقيل إنها منسوخة بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}، وعن ابن عمر وعائشة: لا يضيق عليه ولا يقام عليه فيه، وقيل إن الآية في البيت لا في الحرم، وقد اتفق على أنه لا يقام في البيت ولا في المسجد ويخرج منهما فيقام عليه خارجه لأن المسجد منزه عن مثل هذا. انتهى.
وذكر الأبي في حديث: (من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة اللَّه) (?) الحديث ما نصه: والحديث يدل باعتبار المعنى على أنه لا يحل إيواء المحدث وهذا كما يتفق كثيرا في هروب الظلمة والجناة إلى الزوايا، وكان الشيخ بن عرفة لا يحل إيواءهم إلا أن يعلم أنه يتجاوز فيهم فوق ما يستحقون. انتهى. وفي حاشيته البخاري للعارف باللَّه تعالى سيدي عبد الرحمن الفاسي نفع اللَّه به عقب كلام الأبي هذا ما نصه: هذا وما يظهر من أمور خارجة عما ذكر من ظهور