عورة، بل عورته إنما هي ما بين سرته وركبته. والله أعلم. فالأمة ترى من الأجنبي الوجه والأطراف فقط لا غير، ويرى هو منها ما عدا ما بين السرة والركبة. وقال ابن رشد في سماع أصبغ: اختلف في بدن الرجل هل هو عورة على المرأة فلا يجوز لها أن تنظر منه إلا ما يجوز للرجل أن ينظره من المرأة: والصحيح أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر من الرجل إلا ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من ذوات محارمه. قاله الإمام الحطاب. واعلم أن الحجاب على ضربين: حجاب عن الأبصار مباشر للذات، فلا يجوز للأجنبي مباشرته؛ لأن مباشرته مباشرة للمرأة، وحجاب للذات مفارق لها منفصل عنها، فهذا سائغ للأجنبيين مباشرته للضرورة في ذلك إذا كان فيهم أهلية ومعرفة، كما كان الأهلية في الحاملين لهودج السيدة عائشة رضي الله عنها المذكور في حديث الإفك. انظر العميري على العمليات الفاسية.
ومن المحرم كرجل مع مثله، يعني أن المرأة يجوز لها أن ترى من الرجل المحرم بنسب أو رضاع أو صهر ما يجوز للرجل أن يراه من الرجل؛ وهو ما عدا ما بين السرة والركبة كما مر، وسواء كان هذا الرجل المحرم مسلما أو كافرا، وهذا تكرار مع بعض مفردات ما مر من قوله: وهي من رجل الخ ولما قدم تحديد عورة الأمة الواجب سترها، أشار إلى حكم ما عداها بقوله: ولا تطلب أمة بتغطية رأس، يعني أن الأمة لا تطلب بتغطية رأسها لا وجوبا ولا ندبا، بل يندب لها أن لا تغطيه وكان عمر رضي الله عنه يضرب من تغطي منهن رأسها ليلا يتشبهن بالحرائر. وقد تقدم أنه إذا خشي منها الفتنة، وجب الستر لدفعها لا لأنه عورة. وقوله: ولا تطلب أمة؛ يعني وإن بشائبة ما عدا أم الولد، ويلزم الإماء بهيئة من اللباس يعرفن بها من الحرائر. وقال عياض: الصواب كشفُ رأسها بغير صلاة، ونَدْبُ تغطيتِها بها، قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. وفي المدونة: وللأمة، ومن لم تلد من السراري، والمكاتبة، والمدبرة، والمعتق بعضها: الصلاةُ بغير قناع، ولا يصلين إلا بثوب يستر جميع الجسد. انتهى. وما ذكره في الكتاب خلاف قول الجلاب، والمكاتبة بمنزلة أم الولد، ومثله ابن عبد البر، وقوله: لا يصلين إلا بثوب يستر جميع الجسد، هو المطلوب. انتهى قاله الإمام الحطاب. وسئل إمامنا مالك: أتكره أن تخرج جارية