تنبيه: قد مر قول المص: "إن يكن غير عقوبة" إنما جاز له أخذ المال لما جاء في ذلك من السنة، وأما العقوبة من دون الحاكم فإن ذلك مثير للفتنة غالبا، ولأن الحقد اللاحق عن موجب العقوبة أكثر من اللاحق عن أخذ المال، فيخاف على المعاقب من دون الحاكم أن يتجاوز في القصاص، فيحتاج إلى أن يقتص منه ثانية وهو خلاف ما شرع القصاص من أجله، ومنع أن يمكن المجني عليه من استيفاء حقه بنفسه في الأطراف، وأسلم الجاني في النفس إلى ولي المقتول؛ لأن الأول لا كان يقتص لنفسه خيف منه المجاوزة في العقوبة قصدا للتشفي لما به من الحقد على الجاني، بخلاف الولي فإن الأمر لا يبلغ به ذلك المبلغ، ومع ذلك ينهى على العبث. انتهى. انظر ابن مرزوق.
وإن قال أبرأني موكلك الغائب أنظر يعني أن الوكيل إذا أتى من للموكل حق عليه يستقضي دين موكله والموكل غائب، فقال من عليه الدين للوكيل: أبرأني مما تُطالبني به موكلك الغائب أو قضيته حقه أنظر؛ أي أخر إلى أن يأتي الموكل ليعلم ما عنده لا بالاجتهاد، وإنما ينظر بكفيل بالمال على الأرجح إن قربت غيبة الموكل لأنه مقر، فإن بعدت قضي عليه بالدفع من غير يمين الوكيل، خلافا لابن كنانة القائل: إنه يحلف الوكيل ما علم الموكل أبرأ أو اقتضى، وهو بعيد لأنه لا يحلف أحد ليستحق غيره، ثم إن قدم الموكل من البعيدة حلف وتم الأخذ، فإن نكل حلف الغريم ويرجع على الوكيل بما دفعه له. قال عبد الباقي: وإن قال من ادعى عليه وكيل شخص بحق لموكله: أبرأني موكلك الغائب أو قضيته حقه انظر إلى أن يعلم ما عنده لا بالاجتهاد، فلا يصح أن يرجع قوله: بالاجتهاد لهذه أيضا، وإنما ينظر بكفيل بمال على الأرجح لأنه مقر به إن قربت غيبة الموكل، فإن بعدت قضي عليه بالدفع من غير يمين الوكيل انه ما يعلم موكله أبرأ أو اقتضى، خلافا لابن كنانة لأنه لا يحلف ليستحق غيره، ثم إن قدم الموكل من البعيدة حلف وتم الأخذ، فإن نكل حلف الغريم ورجع على الوكيل بما دفعه له. اهـ. وقال البناني: وإن قال أبرأني موكلك الغائب أنظر؛ أي إذا قال المدين لوكيل رب الدين الغائب أبرأني موكلك أنظر أي أخر حتى يحلف الغائب أنه ما أبرأه، وظاهره في الغيبة القريبة